وعليه فإن التأليف في السيرة النبوية، قد مر بثلاث مراحل أو ثلاثة أطوار في القرون الثلاثة الأولى هي:
الطور الأول:
مرحلة الرواية الشفوية، ويمثلها طبقات الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وفيها يروي الراوي خبر حادثة مفردة حفظتها ذاكرته في سياق حدث واسع وكبير لغزوة ما، كغزوة بدر، أو أحد، أو الهجرة، أو حدث ما، أو واقعة معينة، ونحوها، ثم يروي الراوي الآخر رواية من تلك الغزوة تتعلق بخبر آخر، وهكذا ثالث، ورابع، ... وبهذا ألفت مرويات هذه المرحلة جُلَّ الجهود الشفوية التي قامت بها طبقات الصحابة في المائة الأولى من تاريخ الإسلام.
ويمكن أن نطبق ذلك على ما ورد في الصحيحين للاختصار والتنبيه؛ لأن استيعاب ذلك من سائر كتب الحديث غير ممكن في مثل هذا البحث، وسيوضح الجدول رقم (١) الخاص بطبقة الصحابة أمثلة من هذه المرويات.
وفي ضوء دراسة مرويات هذه المرحلة وهي المرحلة الشفوية يمكن أن نلخص بعض خصائصها ومميزاتها، ومن أهمها:
١- أنها جاءت عن طريق الصحابة الذين شارك أغلبهم في هذه الأحداث.
٢- أنها مرويات قصيرة لقضايا محدودة.
٣- خلت من ذكر التفاصيل.
٤- ارتبط أغلبها بقضية الأحكام الشرعية.
٥- أن أغلبها من القسم المرفوع الذي يرويه الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
٦- أن بعضها يكمل بعضاً، وهذا ساعد أهل المرحلة التالية على الاستفادة من جمعها لصياغة خبر أطول.