للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يستغيثون عند القبور، ولا يتحرون الدعاء عندها أصلا؛ بل كانوا ينهون عن ذلك من يفعله من جهالهم. فمن ذلك ما رواه، أبو يعلى الموصلي في مسنده: حدثنا أبو بكر، ثنا يزيد بن الحباب، أنبأنا جعفر بن إبراهيم، حدثنا علي بن عمر عن أبيه عن علي بن الحسين، أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيدخل فيدعو فيها، فقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا؛ فإن تسليمكم يبلغني أينما كنت"١ رواه أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي فيما اختاره من الأحاديث الجياد على الصحيحين، وشرطه فيه أحسن من شرط الحاكم في صحيحه.

وروى سعيد في سننه عن سهيل بن أبي سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى، فقال: هلم إلى العشاء. فقلت: لا أريده. فقال: ما لي رأيتك عند القبر؟ فقلت: سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إذا دخلت المسجد فسلم. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم مقابر؛ وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم. لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ٢، ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء.

وروى سعيد أيضا عن أبي سعيد مولى المهدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم قبورا؛ وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغن ي"٣، فهذان المرسلان من وجهين مختلفين يدلان على ثبوت الحديث، لا سيما وقد احتج من أرسله به؛ وذلك يقتضي ثبوته عنده لو لم يكن روي من وجوه مسندة غير هذين، فكيف وقد روي مسندا؟ ووجه الدلالة أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل قبر على وجه الأرض وقد نهى عن


١ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢) , وأحمد (٢/٣٦٧) .
٢ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢) , وأحمد (٢/٣٦٧) .
٣ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢) , وأحمد (٢/٣٦٧) .

<<  <   >  >>