للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام، أو يعتقد أنَّ المُنْزِلَ للمطر هو الله، والنوءَ سبب، فيضيف النعمةَ إلى ما يراه سبباً في نزولها وهذا من كفر النّعمة وهو من الشرك الخفيِّ.

والأنواء ليست من الأسباب لنُزول المطر، وإنَّما سبب نزول المطر حاجة العباد وافتقارهم إلى ربِّهم وسؤالهم إيَّاه، واستغفارهم وتوبتهم إليه، ودعاؤهم إيَّاه بلسان الحال ولسان المقال، فينزل عليهم الغيث بحكمته ورحمته بالوقت المناسب لحاجتهم وضرورتهم، ولا يتمُّ توحيد العبد حتى يعترف بنعم الله الظاهرة والباطنة عليه وعلى جميع الخلق، ويُضيفها إليه ويستعين بها على عبادته وذِكْره وشكره١.

ومن السنَّة أن يقول المسلم عند اشتداد هبوب الرِّيح: "اللهمَّ إنِّي أسألك خيرها وخيرَ ما فيها وخيرَ ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرِّها وشرِّ ما فيها وشرِّ ما أُرسلت به" لِمَا رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذا عَصَفَتِ الرِّيحُ [أي اشتدَّ هبوبها] قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا فِيهَا وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا فِيهَا وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ"٢.

ولا يجوز للمسلم أن يسبَّ الريحَ؛ فإنَّها مسخَّرةٌ بأمر الله مدبَّرَةٌ مأمورةٌ، روى البخاري في الأدب المفرد وأبو داود في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللهِ، تَأْتِي بِالرَّحْمَةِ وَتَأْتِي بِالعَذَابِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلاَ تَسُبُّوهَا، وَسَلُوا اللهَ خَيْرَهَا، وَاسْتَعِيذوا بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا"٣.


١ انظر: القول السديد لابن سعدي (ص:١٠٨ ـ ١٠٩) .
٢ صحيح مسلم (رقم:٨٩٩) .
٣ الأدب المفرد (رقم:٩٠٦) ، وسنن أبي داود (رقم:٥٠٩٧) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في صحيح الأدب (رقم:٦٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>