الثانية: أن المسلم إذا أطاع من أشار عليه في الظاهر كفر، ولو كان باطنه يعتقد الإيمان، فإِنهم لم يريدوا من النبي صلى الله عليه وسلم تغيير عقيدته، ففيه بيان لما يكثر وقوعه ممن ينتسب إلى الإسلام في إِظهار الموافقة للمشركين خوفا منهم، ويظن أنه لا يكفر إذا كان قلبه كارها له.
الثالثة: أن الجهل وسخافة العقل هو موافقتهم في الظاهر، وأن العقل والفهم والذكاء هو التصريح بمخالفتهم ولو ذهب مالك، خلافاً لما عليه أهل الجهل من اعتقاد أن بذل دينك لأجل مالك هو العقل، وذلك في آخر الآية:{أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} ١
ويقول الشيخ: فإِن قال قائل من المشركين: نحن نعرف أن الله هو الخالق الرازق المدبر، لكن هؤلاء الصالحين مقربون، ونحن ندعوهم وننذر لهم وندخل عليهم ونستغيث بهم ونريد بذلك الوجاهة والشفاعة وإلا فنحن نفهم أن الله هو الخالق الرازق المدبر. فقل: كلامك هذا مذهب أبي جهل وأمثاله، فإِنهم يدعون عيسى وعزيراً والملائكة والأولياء يريدون ذلك كما قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}(الزمر: ٣) .