للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر، ومن حكم منهم بعدل نفذ حكمه، وإن أمكن تولية بر، لم يجز تولية فاجر، فيجتهدون في الطاعة بحسب الإِمكان، كما قال الله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن: ١٦) ويعلمون أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بصلاح العباد فإِذا اجتمع صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما وقل من خرج على سلطان إلا كان ما تولد عن فعله من الشر أعظم من الخير، فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا، وإِن كان فيهم خلق من أهل العلم والدين، وهذا مما يبين أن ما أمربه صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة هو الأصلح، فالشارع أمركلا بما هو أصلح له وللمسلمين، فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم، وأمر بالصبر على استيثارهم وعدم منازعتهم الأمر، والفتن في كل زمان بحسب رجاله، والفتنة تمنع معرفة الحق وقصده والقدرة عليه ففيهما من الشبهات ما يلبس الحق بالباطل، حتى لا يتميز لكثير من الناس، ومن الشهوات ما يمنع قصد الحق، ومن قوة الشر ما يضعف القدرة على الخير، ولهذا يقال: "فتنة عميا صما" ١.

ويرى أن الإمام نائب عن المسلمين يتصرف في مصالحهم وقيام الدين، فإِن تعين للدفع عن الإسلام، والذب عن حوزته استجلاب أعداء الإسلام إليه ليأمن شرهم ساغ ذلك بل تعين ومبنى الشريعة باحتمال أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، وتحصيل أكمل المصلحتين بتفويت أدناهما، بل


١ مؤلفات الشيخ، ملحق المصنفات، مسائل ملخصة رقم ٧٣، ص ٥٠-٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>