للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل العدوان، وإنما الثابت في التواريخ المعتبرة أن هذه الكلمة إنما قالها المغيرة في ذلك الحين كما هو حال الخصم مع الشهود ولا سيما إذا كان يترتب على الشهادة حكم موجب لهلاكه"١.

ومما طعنوا به على عمر رضي الله عنه: أنهم يزعمون أنه لم يحد قدامة بن مظعون على شربه الخمر لأنه تلا عليه {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} الآية٢، فقال له علي رضي الله عنه: ليس قدامة من أهل هذه الآية، فلم يدر كم يحده، فقال له أمير المؤمنين رضي الله عنه حده ثمانين إن شارب الخمر إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى٣.

والرد على الهذيان:

أنه من الكذب الواضح على الفاروق رضي الله عنه لأن علم عمر بن الخطاب بالحكم في مثل هذه القضية أبين من أن يحتاج إلى دليل، فإنه قد جلد في الخمر غير مرة هو وأبو بكر قبله، والمعروف من قصة قدامة ما رواه أبو إسحاق الجوزجاني وغيره من حديث ابن عباس أن قدامة بن مظعون شرب الخمر فقال له عمر: ما يحملك على ذلك، فقال: إن الله يقول: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية ... وإني من المهاجرين الأولين من أهل بدر وأحد، فقال عمر: أجيبوا الرجل، فسكتوا عنه، فقال لابن عباس: أجبه، فقال: إنما أنزلها الله عذراً للماضين لمن شربها قبل أن تحرم"٤. ثم سأل عمر عن الحد فيها، فقال علي بن


١ـ مختصر التحفة الاثنى عشرية ص/٢٥٤-٢٥٥.
٢ـ سورة المائدة آية/٩٣.
٣ـ منهاج الكرامة المطبوع مع منهاج السنة ٣/١٤٨. وانظر الميزان ٦/١٣٥.
٤ـ رواه عبد الرزاق في المصنف ٩/٢٤٠-٢٤٣، وقصة قدمة أوردها أيضاً ابن العربي في أحكام القرآن ٢/٦٥٩، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٦/٢٩٧-٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>