للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السيوطي عند آيات سورة النور التي نزلت في براءة عائشة رضي الله عنها من قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} الآيات قال: نزلت في براءة عائشة فيما قذفت به، فاستدل به الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن.

قال العلماء: قذف عائشة كفر لأن الله سبح نفسه عند ذكره١ فقال سبحانك هذا بهتان عظيم، كما سبح نفسه عند ذكر ما وصفه به المشركون من الزوجة والولد"أ. هـ٢

هذه الأقوال المتقدمة عن هؤلاء الأئمة كلها فيها بيان واضح أن الأمة مجمعة على أن من سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وقذفها بما رماها به أهل الإفك فانه كافر حيث كذب الله فيما أخبر به من براءتها وطهارتها رضي الله عنها، وأن عقوبته أن يقتل مرتداً عن ملة الإسلام.

وأما حكم من سب غير عائشة من أزواجه صلى الله عليه وسلم ففيه قولان:

أحدهما: أنه كساب غيرهن من الصحابة على حسب ما تقدم ذكره.

الثاني: وهو الأصح من القولين على ما سيتضح من أقوال أهل العلم أن من قذف واحدة منهن فهو كقذف عائشة رضي الله عنها وإلى ما قرره أهل العلم في هذه المسألة.

فقد أخرج سعيد بن منصور وابن جرير٣ والطبراني وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ سورة النور ففسرها، فلما أتى على هذه الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ} قال: هذه في عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير


١ـ الضمير يعود على قصة الإفك.
٢ـ الإكليل في استنباط التنزيل ص/١٩٠.
٣ـ جامع البيان عن تأويل آي القرآن ١٨/١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>