للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- إن سب الصحابة وانتقاصهم والطعن فيهم إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاص له وحط من مكانته عليه الصلاة والسلام، لأنهم أصحابه الذين رباهم وزكاهم وذكرهم بخير وأوصى بهم خيراً ومن المعلوم أن إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم كفر فيكون سب أصحابه كفراً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأذى الله ورسوله كفر موجب للقتل، كما تقدم، وبهذا يظهر الفرق بين أذاهم قبل استقرار الصحبة وأذى سائر الناس وبين أذاهم بعد صحبتهم له، فإنه على عهد قد كان الرجل ممن يظهر الإسلام يمكن أن يكون منافقاً ويمكن أن يكون مرتداً، فأما إذا مات مقيماً على صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو غير مزنون١ بنفاق فأذاه أذى مصحوبه قال عبد الله بن مسعود: اعتبروا الناس بأخدانهم، وقالوا:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي

وقال مالك رضي الله عنه: "إنما هؤلاء أقوام أرادوا القدح في النبي عليه الصلاة والسلام، فلم يمكنهم ذلك فقدحوا في أصحابه حتى يقال: رجل سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين، أو كما قال، وذلك أنه ما منهم رجل إلا كان ينصر الله ورسوله ويذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله ويعينه على إظهار دين الله وإعلاء كلمة الله وتبليغ رسالات الله وقت الحاجة، وهو حينئذ لم يستقر أمره ولم تنتشر دعوته ولم تطمئن قلوب أكثر الناس بدينه، ومعلوم أن رجلاً لو عمل به بعض الناس نحو هذا ثم آذاه أحد لغضب له صاحبه، وعد ذلك أذى له وإلى هذا أشار ابن عمر، قال نسير بن ذعلوق٢: سمعت ابن عمر رضي الله عنه يقول: "لا تسبوا أصحاب محمد، فإن مقام أحدهم خير من عملكم كله" رواه اللالكائي، وكأنه أخذه من قول النبي صلى الله عليه وسلم:


١ـ أي: غير متهم. انظر النهاية في غريب الحديث ٢/٣١٦.
٢ـ هو نسير بن ذعلوق ـ بضم المعجمة واللام ـ بينهما مهملة ساكنة، الثوري مولاهم، أبو طعمة الكوفي صدوق لم يصب من ضعفه من الرابعة. التقريب ٢/٢٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>