للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله ـ عز وجل ـ لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلاماً وقدوة فحفظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله ـ عز وجل ـ وما سن وشرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وحظر وأدب ووعوه وأتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهمم منه واستنباطهم عنه، فشرفهم الله ـ عز وجل ـ بما منّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة فقال ـ عز وجل ـ في محكم كتابه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ١ ففسر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله ـ عز ذكره ـ قوله {وَسَطاً} قال: "عدلاً" فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة، وندب الله ـ عز وجل ـ إلى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم، فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} ٢ ووجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد حض على التبليغ في أخبار كثيرة ووجدناه يخاطب أصحابه فيها منها أن دعا لهم فقال: "نضر الله امرءا سمع مقالتي فحفظها ووعاها حتى يبلغها غيره" ٣ وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته: "فليبلغ الشاهد منكم الغائب" ٤. وقال صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عني ولا حرج" ٥،


= رحمه الله من أئمة التفسير والحديث، ولد سنة أربعين ومائتين وتوفي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، انظر: ترجمته في تذكرة الحفاظ ٣/٨٢٩، وطبقات الحنابلة ٢/٥٥، سير أعلام النبلاء ١٣/٢٦٣-٢٦٩.
١ـ سورة البقرة آية/١٤٣.
٢ـ سورة النساء آية/١١٥.
٣ـ سنن أبي داود ٢/٢٨٩، سنن ابن ماجه ٢/١٣١٦، سنن الدارمي ١/٧٤، مسند أحمد ١/٤٣٧.
٤ـ عند البخاري بلفظ: "ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب" وعند مسلم بدون لفظة "منكم" صحيح البخاري مع الفتح ١/١٩٩، صحيح مسلم ٣/١٣٠٦.
٥ـ عند البخاري بلفظ: "بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" الحديث من رواية =

<<  <  ج: ص:  >  >>