للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأباحوا قتل المسلمين، وهذه الآراء واضح فيها الجهل وعدم العلم والفهم للقرآن، وعدم الإلمام بالسنة، ويصدق عليهم قوله صلى الله عليه وسلم: "يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم"١، وقد اشتدت شوكة الأزارقة وصارت لهم قوة حتى أخذوا في مقاتلة غيرهم حتى تغلبوا على بلاد الأهواز وأرض فارس وكرمان في أيام عبد الله بن الزبير حين بعث عاملاً له على البصرة، فأخرج سرية لقتالهم وكان عدد هذه السرية ألف مقاتل، فقتلهم الخوارج، ثم بعث إليهم بثلاثة آلاف من المقاتلة فظفر بهم الخوارج أيضاً، فبعث عبد الله بن الزبير من مكة كتاباً وجعل قتالهم إلى المهلب بن أبي صفرة٢ حتى جمع عسكراً عظيماً وهزم نافع بن الأزرق وقتل في هذه الهزيمة وبايعت الأزارقة بعده رجلاً آخر منهم فهزمه المهلب أيضاً، وقتل في هذه الهزيمة فبايعوا بعده قطري بن الفجاءة التميمي، وسموه بأمير الموت، واستمر المهلب أيضاً في مقاتلتهم حتى انحازوا إلى سابور من بلاد فارس وجعلوها دار هجرتهم٣ وقد بلغت المدة التي قاتلهم فيها المهلب تسع عشرة سنة، بعضها في زمان ابن الزبير، وبعضها في زمان عبد الملك بن مروان، "ولما ولي الحجاج بن يوسف العراق أقر المهلب على قتالهم، فاستمر المهلب بن أبي صفرة في مقاتلتهم حتى وقع الخلاف بين قطري بن الفجاءة وأتباعه، فواصل المهلب مقاتلة قطري، فكان كلما سار قطري إلى ناحية من النواحي تبعه المهلب حتى هزمه إلى الري، ثم اتجه لمقاتلة جماعة أخرى منهم بقيادة رجل منهم يسمى عبد ربه الصغير٤ حتى كفى شغله وقتله، وبعث الحجاج جيشاً عظيماً إلى


١ـ الحديث صحيح مسلم ٢/٧٤٠.
٢ـ هو أبو سعيد المهلب بن أبي صفرة ظالم بن سراق الأزدي العتكي أمير، شديد البطش بأهل البدع، جواد ولد سنة سبع، وتوفي سنة ثلاث وثمانين هجرية. انظر ترجمته في الإصابة ٣/٥٠٩-٥١٠، وفيات الأعيان ٥/٣٥٠-٣٥٩، الأعلام ٨/٢٦٠.
٣ـ انظر تاريخ الأمم والملوك ٥/٦١٣-٦٢١، الفرق بين الفرق ص/٨٥-٨٦، الكامل في التاريخ ٤/١٩٤-٢٠٠، البداية والنهاية ٨/٣٤٨، التبصير في الدين ص/٥٠-٥١.
٤ـ كان عبد ربه الصغير معلم كتاب وهو من موالي قيس بن ثعلبة وأول ظهوره أن الخوارج ذهبوا إلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>