والغلو في المخلوق هو أعظم أسباب عبادة الأصنام والصالحين، كما كان في قوم نوح من عبادة نسر وسواع ويغوث ويعوق ونحوهم، وكما كان من عبادة النصارى للمسيح عليه السلام، وهذا هو القول على الله بغير الحق.
والمقصود؛ أن مراعاة حقوق النبي صلى الله عليه وسلم إنما تكون بالمحافظة على شريعته لا بما يقول النبهاني الغبي، ومن المعلوم ما كان عليه ابن تيمية من اتباع السنن، والمحافظة على الشريعة الغراء، ومزيد الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أنه عقد فصلاً في كتابه (الصارم المسلول) لبذل الأموال وسفك الدماء في تعزير رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقيره. وفصلاً آخر في فرض الله علينا تعزيره وتوقيره. وفصلاً آخر في أن قيام المدحة والتعظيم والثناء عليه صلى الله عليه وسلم قيام الدين كله. وفصلاً آخر في أن شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم يتعين قتله. وفصلاً آخر في أن الله تعالى أوجب لنبيه صلى الله عليه وسلم حقوقاً زائدة على القلب واللسان والجوارح، وأن سبه سب لجميع المسلمين، وطعن في دينهم. وفصلاً آخر في أن التعظيم والمحبة للرسول صلى الله عليه وسلم لازم للإيمان. وفصلاً آخر في بيان حكم الطعن في نسبه أو خلقه أو خُلقه أو أمانته أو وفائه أو صدقه. وذكر فصولاً أخرى مهمة كلها تدل على ما انطوى عليه من مزيد حبه وأدبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إنه قال نقلاً عن القاضي عياض: "جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو عابه أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أو عرض به شبهة بشيء على طريق السب له والإزراء عليه أو البغض منه والعيب له؛ فهو سابٌّ له، والحكم فيه حكم الساب يقتل، ولا تستثن فصلاً من فصول هذا الباب عن هذا المقصد، ولا تمتر فيه تصريحاً كان أو تلويحاً، وكذلك من لعنه، أو تمنى مضرة له، أو دعا عليه، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عيبه في جهة الغريزة بسخف من الكلام، وهجر ومنكر من القول وزوراً، أو عيره بشيء مما يجري من البلاء والمحنة عليه، أو غمضه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهود لديه، قال: وهذا كله إجماع من العلماء وأئمة الفتوى من لدن أصحابه، وهلم جراً.
وقال ابن القاسم؛ عن مالك: من سب النبي صلى الله عليه وسلم قُتل، ولم يُستتب. قال ابن