بالله، ثم جعل الاستغاثة بكل ميت من نبي وصالح جائزة، فدخل عليه الخطأ من وجوه.
منها: أنه جعل المتوسل به بعد موته في دعاء الله مستغاثاً به، وهذا لا يعرف في لغة أحد من الأمم لا حقيقة ولا مجازاً مع دعواه الإجماع على ذلك. فإن المستغاث هو المسؤول المطلوب منه لا المسؤول به.
الثاني: ظنه أن توسل الصحابة في حياته كان توسلاً بذاته صلى الله عليه وسلم لا بدعائه وشفاعته، فيكون التوسل به بعد موته كذلك وهذا غلط.
الثالث: أنه أدرج السؤال أيضاً في الاستغاثة به، وهذا صحيح جائز في حياته، وهو قد سوى في ذلك بين محياه ومماته، وهذا أصاب في لفظ الاستغاثة لكن أخطأ في التسوية بين المحيا والممات، وهذا ما علمته ينقل عن أحد من العلماء، لكنه موجود في كلام بعض الناس، مثل الشيخ يحيي الصرصري، ففي شعره قطعة منه، والشيخ محمد بن النعمان له كتاب المستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والمنام، وهؤلاء ليسوا من العلماء العالمين بمدارك الأحكام، الذين يؤخذ بقولهم في شرائع الإسلام، ومعرفة الحلال والحرام، وليس لهم دليل شرعي، ولا نقل عن عالم مرضي، بل عادة جروا عليها.
وكان بعض الشيوخ الذين أعرفهم- ولهم فضل وعلم وزهد- إذا نزل به أمر خطا إلى الشيخ عبد القادر خطوات معدودة واستغاث به، وهذا يفعله كثير من الناس، ولهذا لما نبه من نبه من فضلائهم تنبهوا، وعلموا أن ما كانوا عليه ليس من دين الإسلام بل مشابهة لعباد الأصنام"انتهى.
وقال رحمه الله في أثناء كلام له: "ونحن نعلم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحداً من الأموات، لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا إلى ميت ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، ولكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم