للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ" رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ١ بِلَفْظِ "لا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ، أَوْ لا يَقْضِي [الْقَاضِي٢] بَيْنَ اثْنَيْنِ ... " وَرَوَاهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ٣ بِلَفْظِ "لا يَقْضِيَنَّ حَاكِمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ".

فَالآيَةُ إنَّمَا سِيقَتْ لِبَيَانِ أَحْكَامِ الْجُمُعَةِ، لا لِبَيَانِ أَحْكَامِ الْبَيْعِ، فَلَوْ لَمْ يُعَلَّلْ النَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ بِكَوْنِهِ شَاغِلاً عَنْ السَّعْيِ لَكَانَ ذِكْرُهُ لاغِيًا، لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُرْتَبِطٍ بِأَحْكَامِ الْجُمُعَةِ.

وَلَوْ لَمْ يُعَلَّلْ النَّهْيُ عَنْ الْقَضَاءِ عِنْدَ الْغَضَبِ بِكَوْنِهِ يَتَضَمَّنُ اضْطِرَابَ الْمِزَاجِ٤ الْمُقْتَضِي تَشْوِيشَ الْفِكْرِ، الْمُفْضِيَ إلَى الْخَطَإِ فِي الْحُكْمِ غَالِبًا: لَكَانَ٥ ذِكْرُهُ لاغِيًا، إذْ الْبَيْعُ وَالْقَضَاءُ لا يُمْنَعَانِ مُطْلَقًا؛ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي غَيْرِ وَقْتِ النِّدَاءِ، وَالْقَضَاءِ مَعَ عَدَمِ الْغَضَبِ أَوْ مَعَ يَسِيرِهِ، فَلا بُدَّ إذًا مِنْ مَانِعٍ، وَلَيْسَ إلاَّ مَا فُهِمَ مِنْ


١ ترتيب مسند الشافعي ٢/١٧٧.
٢ زيادة من مسند الشافعي.
٣ لفظ البخاري والبيهقي: لا يقضينّ حكمُ. ولفظ مسلم والنسائي: لا يحكم أحد. ولفظ الترمذي: لا يحكم الحاكم، ولفظ الدارقطني: لا يقضين القاضي، ولفظ أبي داود: لا يقضي الحكم، ولفظ ابن ماجة ورواية للبيهقي: لا يقضي القاضي. "انظر صحيح البخاري ٨/١٠٩، صحيح مسلم ٣/١٣٤٣، سنن ابن ماجة ٢/٧٧٦، سنن الدارقطني ٤/٢٠٦، سنن النسائي ٨/٢٠٩، بذل المجهود ١٥/٢٦٦، عارضة الأحوذي ٦/٧٧، سنن البيهقي ١٠/١٠٥".
٤ في ع: المجاز.
٥ في ش: كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>