للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقاره (١). ورماه، فأثبت سهمه في الموضع، ثم قال لي: الثّالثة والله في كبدك. فقال: فقلت: شأنك إبلك. فقال: كلاّ، حتى تسوقها إلى حيث كانت. فلما انتهيت بها، قال: إنّي فكّرت في أمرك، فلم أجد لك عندي ترة تطالبني بها، وما أحسب الذي حملك على أخذ إبلي إلاّ الحاجة. فقلت: هو والله ذاك. قال: فاعمد إلى عشرين من خيارها فخذها. فقلت: إذن والله لا أفعل حتّى تسمع مدحك: والله، ما رأيت رجلا أكرم ضيافة، ولا أهدى لسبيل، ولا أرمى كفّا، ولا أوسع صدرا، ولا أرغب خوفا، ولا أكرم عفوا منك. فاستحيا، وصرف وجهه عني، ثم قال: انصرف بالقطيع مباركا لك فيه.

٥٠٩ - وقال المازنيّ (٢): دخلت على الواثق، فقال لي: با اسمك؟ -وهي لغة للحارث بن كعب-فقلت: بكر. قال: هل لك من ولد؟ قلت:

أخيّة تحلّ منّي محلّ الولد. قال: فما كان من قولها لك عند رحيلك إلينا؟ قلت: قالت قول الأعشى (٣):

تقول ابنتي حين جدّ الرّحيل ... أرانا سواء ومن قد يتم

أبانا فلا رمت من عندنا ... فإنّا بخير إذا لم ترم

ترانا إذا أضمرتك البلا ... د نجفى وتقطع منّا الرّحم

فقال: والله، لقد ذكّرتك بنفسها، فأحسنت، فبماذا أجبتها؟ قال:

قلت:


(١) في الأصل قفاره.
٥٠٩ - العقد الفريد ٢/ ١٠١.
(٢) بكر بن محمد بن حبيب بن بقية، أبو عثمان المازني، أحد الأئمة في النحو من أهل البصرة، ووفاته فيها، الأعلام.
(٣) من قصيدة للأعشى ميمون بن قيس يمدح قيس بن معديكرب، الديوان صفحة ٤١ مطلعها:
أتهجر غانية أم تلم ... أم الحبل واه بها منجذم

<<  <   >  >>