للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المهلّب في السّجن فأنشده:

أغلق دون السّماح والجود والن‍ ... نجدة باب حديده أشب (١)

ابن ثلاث وأربعين مضت ... لا ورع واهن ولا نكب (٢)

لا بطر إن تتابعت نعم ... وصابر في البلاء محتسب

برّزت سبق الجواد في مهل ... وقصّرت دون سعيك العرب

فقال: والله، يا حمزة، لقد أسأت حين نوّهت باسمي في وقت غير تنويه. ثم رفع مقعدا تحته، فرمى إليه بخرقة مصرورة، وعنده صاحب خبر [واقف] (٣). فقال: خذ هذا الدينار فو الله ما أملك ذهبا غيره. فأخذه حمزة، وأراد ردّه. فقال له سرّا: خذه، ولا تخدع عنه. قال حمزة:

فعلمت أنّه غير ذهب، فلمّا خرجت، قال لي صاحب الخبر: ما أعطاك يزيد؟ فقلت: أعطاني دينارا، واستحييت أن أردّه. فلما صرت إلى منزلي حللت الصّرة وإذا فصّ ياقوت أحمر كأنه سقط زند، فقلت: والله، لئن عرضت هذا بالعراق ليعلمنّ أنّي أخذته من يزيد فيؤخذ مني. فخرجت به إلى خراسان فبعته من (٤) رجل يهوديّ بثلاثين ألفا، فلمّا قبضت المال [وصار الفصّ في يده] (٥)، قال لي: والله، لو أبيت إلاّ خمسين ألفا، لأخذته منك بها. فكأنّه قذف في قلبي جمرة، فلمّا رأى تغيّر وجهي قال: لست أشكّ أنّي قد غممتك. قلت: إي والله، وقتلتني. فأخرج إليّ مئة دينار وقال: أنفق هذه في طريقك؛ ليتوفّر عليك المال.


(١) في الأصل: حديد. والأشب: الملتف. القاموس. (أشب).
(٢) ورع: جبان. القاموس (ورع).
(٣) ما بين معقوفين من الأغاني.
(٤) في الأصل على والتصويب من الأغاني.
(٥) ما بين معقوفين مستدرك من الأغاني.

<<  <   >  >>