للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعلمه بذلك، ثم لم يكتف هؤلاء بالنبي ، بل عدوا الحكم إلى غيره لأن هذا الحديث هو عمدة من يدعي أن الموتى يعلمون بندائهم ودعاء الأحياء لهم، لأن شفاعتهم ووساطتهم للسائلين فرع عن علمهم بسؤالهم وحوائجهم.

وقد بلغ الأمر ببعضهم إلى القول بأن "مخاطبته بعد موته أبلغ، لأن أعمال أمته تعرض عليه في قبره" (١).

فادعى أن الخطاب بعد الموت أبلغ من الخطاب في الحياة وهذه مبالغة وغلو شديد.

هذا وإن عرض الأعمال لم يقتصروا فيه على النبي كما قلنا بل جاوزوا به إلى غيره، فالروافض قالوا بعرض الأعمال على أئمتهم، فقد روى الكليني في كافيه الذي هو عمدة عندهم: أن قوله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ أنهم الأئمة (٢).

وروي أيضًا عن علي الرضا أحد الأئمة عندهم أنه قال له أحدهم: "ادع الله لي ولأهل بيتي فقال: أو لست أفعل؟ والله إن أعمالكم لتعرض على في كل يوم وليلة، قال: فاستعظمت ذلك فقال لي: أما تقرأ كتاب الله ﷿: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ قال: هو والله علي بن أبي طالب " (٣).

وقد عقد الصفار (٤) عدة أبواب (٥) في إثبات عرض الأعمال على


= يناقش الشيخ الألباني فيما ذكره من الشذوذ الذي في الحديث، هذا وسوف أناقش ما ورد في هذه الرسالة من النقاط المهمة إن شاء الله تعالى.
(١) انظر كلام عثمان بن منصور تلميذ ابن جرجيس في مصباح الظلام: ٢٠٦.
(٢) الكافي: ١/ ١٧١، ونحوه في بصائر الدرجات: ٤٤٢، ٤٤٧، ٤٤٨، ٤٥٠.
(٣) الكافي: ١/ ١٧١، والبصائر ص: ٤٤٩.
(٤) هو محمد بن الحسن بن فروخ أبو جعفر وادعوا أنه تلميذ للحسن العسكري (ت ٢٩٠ هـ)، انظر معجم المؤلفين: ٩/ ٢٠٨ ومقدمة البصائر.
(٥) قد عقد باب الأعمال تعرض على رسول الله والأئمة من ص: ٤٤٤ - ٤٤٦، ثم باب عرض الأعمال على الأئمة: ٤٤٧ - ٤٤٨، ثم باب عرض =

<<  <  ج: ص:  >  >>