للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصل هذا الوجه أنهم يقولون إن التوسل سبب لإجابة الدعاء، فهم مطالبون بأمرين: أحدهما الدليل على أنه سبب لتحصيل الإجابة، وثانيهما الدليل على أنه سبب مشروع لا يحرم فعله فإنه ليس كل ما كان سببًا كونيًا يجوز تعاطيه، فإن قتل المسافر قد يكون سببًا لأخذ ماله وكلاهما محرم (١).

وهؤلاء المدافعون عن مشروعية التوسل ليس لديهم الأدلة الكافية لإثبات هذين الأمرين إلا بعض الشبهات وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى.

١١ - إن اعتقاد مشروعية التوسل بالذوات أدى إلى مفاسد جسيمة وعواقب وخيمة، وما كان كذلك فلا يمكن أن يشرعه الله تعالى، لأن الشريعة الإسلامية إنما جاءت بترجيح المصالح وتكثيرها وتقليل المفاسد وإزالتها فثبت بهذا أنه بدعة لم يشرعه الله تعالى.

وإليك بيان بعض تلك المفاسد التي في التوسل بالذوات:

أ- إن التوسل بالذوات هو الباب الرئيسي الذي دخل منه الشيطان إلى المسلمين لنشر دعاء غير الله تعالى والاستغاثة بالأموات والاستمداد بهم.

ولا يستريب في هذا من له اهتمام ومعرفة بأسباب انتشار الشركيات والبدع، فتجويز التوسل يؤدي بلا شك إلى انتشار دعاء غير الله تعالى لأن الشيطان يزين للإنسان أولًا الدعاء بمن يعتقد فيه ثم ينقله إلى دعائه نفسه والعياذ بالله.

ب - إن من مفاسده صرف الافتقار إلى غير الله تعالى، فقد قال الإمام النووي في التوسل المشروع، الذي هو التوسل بالأعمال الصالحة إن في ذلك نوعًا من ترك الافتقار المطلق إلى الله تعالى (٢).


(١) الرد على البكري: ٢٣٠ و ٨٦ - ٨٧، والفتاوى: ١/ ١٣٧.
(٢) الأذكار للنووي: ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>