للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء يا رب وكره الدعاء بيا حنّان" (١).

فرحم الله مالكًا ما أشد تمسكه بالسنة وتحذيره من البدع!! فهو يكره الدعاء بغير الألفاظ التي ثبتت في الكتاب والسنة والتي دعا بها الأنبياء.

وروي عنه أيضًا كراهته للدعاء عند ختم القرآن. فقد سئل عن الذي يقرأ القرآن فيختمه ثم يدعو؟ قال: "ما سمعت أنه يدعو عند ختم القرآن، وما هو من عمل الناس" (٢) هذا شأن الإمام مالك في هذه الأمور التي تعد من البدع الإضافية، فكيف لو رأى دعاء غير الله تعالى ونداء من في القبور لقضاء الحاجات والاستغاثة بهم لنيل الطلبات؟ وقد نقل عن مالك أنه ينكر دعاء الإمام في رمضان ويقول: "ولا أرى أن يعمل به" (٣).

فإذا كان ينكر مثل الدعاء الذي ليس فيه أي محذور سوى تعيين الكيفية فكيف بما هو أعظم من ذلك بكثير؟

كما وردت عنه أشياء (٤) أخرى أنكرها وعدها بدعًا مما يتعلق بكيفية الدعاء.


(١) العتبية مع البيان والتحصيل: ١/ ٤٥٦، ١٧/ ٤٢٣، والفتاوى: ١/ ٢٢٤، ٢٠٧ و ١٠/ ٢٨٥.
وقد نقل نحو كلام مالك هذا عن ابن عيينة كما في جامع العلوم لابن رجب ص: ١٠٠، وعن بعض أصحاب أبي حنيفة وهو ابن أبي عمران وغيره كما في قاعدة التوسل: ١/ ٢٠٧.
(٢) المدخل لابن الحاج: ٢/ ٢٩٩، والحوادث والبدع: ٦٢ - ٦٨، وفتاوى الشاطبي: ٢٠٦ - ٢٠٨، وستأتي الإشارة إلى هذا ص: ٦٧٠.
(٣) الحوادث والبدع للطرطوشي ص: ٦٠، ٦٢.
(٤) من ذلك ما ذكره الطرطوشي في الحوادث ص: ٦٣ من إنكاره التقليص وهو رفع الصوت بالدعاء ورفع اليدين. وانظر أيضًا العتبية مع البيان: ١٨/ ١٣ إلا أنه جعله من رواية مالك عن أبي سلمة ومن ذلك ما ذكره أيضًا الطرطوشي ص: ٦٤ من إنكاره القيام للدعاء عند دخول المسجد والخروج منه وكذلك ما ذكره في ص: ٦٤ نفسها من إنكاره الدعاء خلف الصلاة قائمًا وقال ليس بصواب ولا أحب لأحد أن يفعله. ومن ذلك إنكاره لمسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء كما في العتبية: ١٨/ ٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>