للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البخاري في وقت الشدائد والمحن، ويطلبون بقراءته النصر على الأعداء وتفريج الكرب (١).

ولم يقتصر الأمر على صحيح البخاري بل اعتقدوا ذلك في غيره من بعض كتب الفقه (٢)، وهؤلاء الذين يدرسون البخاري للتبرك لا يتفقهون فيه ولا يعرفون مبادئ التوحيد والشرك ووصل الأمر ببعضهم إلى ما ذكره حسين بن مهدي النعمي من أن قومًا يقرأون صحيح البخاري بمدينة زبيد فإذا فرغوا - إما أحيانًا أو مطلقًا - ذهبوا إلى مشهد هناك، فيظلون عاكفين هنالك ما شاء الله، وعليهم السكينة والوقار وضروب من الخضوع والتأدب لنازل الحفرة، ثم قال: وهل هذا عمل بشيء وجدوه في كتاب البخاري أو غيره أما هو؟ " (٣)

والسبب في هذا أن أغلبيتهم لا يفقهون في الحديث ولا همة لهم في معرفته ولا في التدين به بل الصحيح والموضوع عندهم بنسبة واحدة، إنما همتهم في السماع على جهلة الشيوخ وتكثير العدد من الأجزاء والرواة لا


(١) ومن صور ذلك ما ذكره ابن سيد الناس والسبكي أنه لما وقعت حادثة التتار اجتمع الناس في مصر فقرأوا البخاري حتى ختموه يوم الجمعة وأن هذا عادتهم عند النوازل يرجون عند ختمه بركة الدعاء أجوبة ابن سيد الناس لوحة ٦٦/أوطبقات الشافعية: ٢١١/ ٩. وانظر كلامًا ممتعًا حول قراءة البخاري لدفع الوباء ومقاومة الجيوش وغير ذلك في قواعد التحديث للقاسمي من ٢٦٣ - ٢٦٧ فقد ذكر فيه ما يبكي ويضحك عن علماء الأزهر وغيرهم وقد ذكر ابن عبد الهادي في العقود الدرية ص: ١٣٨، قراءة الحافظ المزي للبخاري للاستسقاء، ويجاب عن هذا بأنه كان للانتصار لابن تيمية كما يعرف من الرجوع إلى كتب التاريخ.
(٢) ذكر صاحب كشف الظنون: ٢/ ١٢٣١ أن الحنفية يتبركون بقراءة مختصر القدوري في أيام الوباء وأنه كتاب مبارك من حفظه يكون آمنًا من الفقر. وانظر أيضًا: مقدمة مقالات الكوثري ص: ٥٤. وذكر الكتاني أنه جرب قراءة كتاب الشفا للقاضي عياض لشفاء الأمراض المزمنة وتفريج الكروب ودفع الخطوب. اهـ. الرسالة المستطرفة ص: ١٠٦.
(٣) معارج الألباب: ١٧٨، ونحوه في البصائر للمتوسلين بالمقابر ص: ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>