للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى السماء، وذلك لاستفاضة العلم عندهم بأن المدعو في السماء " (١).

فقد نسب الخطابي هذا إلى عامة المسلمين فقط والصواب أنه عادة عامة للمسلم والكافر لأنه أمر فطري ضروري كما تقدم.

ولهذا قال أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء شيخ الحنابلة (ت ٤٥٨ هـ): "إن كل عاقل من مسلم وكافر إذا دعا فإنما يرفع يديه ووجهه إلى نحو السماء" (٢).

وقال حافظ المغرب أبو عمر ابن عبد البر (ت ٤٦٣ هـ) في كتابه التمهيد في معرض بيان استواء الله على عرشه: "ومن الحجة أيضًا في أنه ﷿ على العرش فوق السماوات السبع أن الموحدين أجمعين من العرب والعجم إذا كربهم أمر أو نزلت بهم شدة رفعوا وجوههم إلى السماء، يستغيثون ربهم ، وهذا أشهر وأعرف عند الخاصة والعامة من أن يحتاج فيه إلى أكثر من حكايته، لأنه اضطرار لم يؤنبهم عليه أحد ولا أنكره عليهم مسلم" (٣).

وقال أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني الأشعري المتكلم المشهور (ت ٤٠٣ هـ): "فإن قالوا: فهل تقولون: إنه في كل مكن؟ قيل: معاذ الله بل هو مستو على العرش … إلى أن قال: ولو كان في كل مكان لكان في جوف الإنسان وفمه وفي الحشوش والمواضع التي يرغب عن ذكرها


(١) قاله الخطابي في كتابه شعار الدين وهو كتاب له في أصول الدين ولم أطلع عليه وقد نقل هذا النص عنه ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٤٣٧، وابن القيم في الصواعق: ٢/ ١٢٧.
(٢) إبطال التأويل لأبي يعلى: ق ١٦٧ ل ب، ونقله عنه في بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٤٣٨، ودرء التعارض: ٦/ ٢٠٨.
(٣) التمهيد: ٧/ ١٣٤، واجتماع الجيوش ص: ٥٠، والفتاوي: ٣/ ٢٢٠، ووصف كتاب التمهيد بأنه أشرف كتاب ألف في فنه، وانظر درء تعارض العقل: ٦/ ٢٥٥، وتلبيس الجهمية: ٢/ ٥٣٠، والحموية ص: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>