للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه صفات مكة والكعبة والمسجد الحرام. لأن مهدي١ بني العباس والملوك قبله وبعده قد تأنقوا في بناء المسجد الحرام بالأحجار النفيسة والذهب والأصباغ / (٢/١٠٧/أ) واللازورد. وحملت تيجان الملوك وذخائرهم فحليت بها الكعبة. ولقد شاهدت شقوف الحرم وهي تكاد تلمع البصر حسناً. فمن رام صرف كلام النبيّ أشعيا هذا إلى غير مكة من البلاد أَكّد خاطره وأكدى سعيه ولم يظفر ببيت آخر وحرم آخر ينْزل ذلك عليه. ولا يمكن تنْزيل ذلك على البيت المقدس؛ لأنه لم يكن متغلغلاً في الهموم ولا سقوط الحطوة٢ بل هذه صفة الكعبة فاعلم ذلك.

-[البشرى] ٣ العشرون:

قال أشعيا يخاطب الناس عن محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تفهّمي أيّتها الأمم إن الرّبّ أهاب بِيَ من بعيد. وذكر اسمي وأنا في الرحم. وجعل لساني كالسيف الصارم وأنا في البطن. وحاطني بظل يمينه. وجعلني كالسهم المختار من كنانته. وخزنني لسره وقال لي: أنت عبدي. فصر في وعد لي حقاً قدام الرّبّ. وأعمالي بين يدي إلهي. وصرت محمّداً عند الرّبّ. فبإلهي حولي وقوتي"٤.

فهذا (٢/١٠٧/ب)


١ أبو عبد الله محمّد بن المنصور عبد الله. ولد سنة ١٢٧هـ. وبويع له بالخلافة العباسية سنة ١٥٨هـ. ومن أعماله في مكة: أنه جرد الكعبة وكساها بالثياب القبطية والخز والديباج. وطلى جدرانها بالمسك والعنبر. وأمر بالزيادة الكبرى في المسجد الحرام. وأدخل في ذلك دورا كثيرة. وحمل إلى المسجد الحرام من مصر (٤٨٠) عاموداً من الرخام. وعمل للمسجد (٢٣) بابا وجعل سلاسل قناديله ذهباً. وقد أمر بعمارة طريق مكة وغير ذلك. وقد مات سنة ١٦٩هـ. (ر: أخبار مكة ٢/٧٤-٨١، للأزرقي، إتحاف الوري بأخبار أم القرى ٢/٢٠٥-٢١٤، لابن فهد، البداية والنهاية ١٠/١٤٧-١٥٢، الجوهر الثمين في سير الخلفاء والسلاطين ص ٩٥-٩٧، لابن دقماق) .
٢ في م: الحطوط.
٣ ليست في ص، وأثبتها من م.
٤ أشعيا ٤٩/١-٥، ولم يذكر في النسخة الحالية اسم محمّد صلى الله عليه وسلم وذكر في موضعه العبارة الآتية: "فأتمجد في عيني الرّبّ". وقد وردت البشارة في الدين والدولة ص ٩٦، والنصيحة الإيمانية ص ٣٥٣، الأجوبة الفاخرة ص ١٧٣، ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>