للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَهِيبُ الْمَنْظَرِ (١) جِدًّا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ وَنَظَرَ إِلَيَّ، فَقَالَ: حَيَّاكَ اللهُ مِنْ رَجُلٍ؟ فَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ لِأُصَافِحَهُ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي، وَقَالَ: وَأَنْتَ، فَحَيَّاكَ اللهُ. فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ، كَيْفَ أَنْتَ رَحِمَكَ اللهُ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ، وَرِقَّتِي لَهُ لَمَّا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ، أَوْ رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى بَكَيْتُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ، فَرَحِمَكَ اللهُ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ، كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي؟ مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: اللهُ. قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا، حِينَ سَمَّانِي، وَلَا وَاللهِ، مَا كُنْتُ رَأَيْتُهُ قَطُّ، وَلَا رَآنِي، ثُمَّ قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي، وَعَرَفْتَ اسْمِي، وَاسْمَ أَبِي، فَوَاللهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُكَ قَطُّ قَبْلَ الْيَوْمِ. قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ، إِنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفَسٌ كَأَنْفُسِ الْأَحْيَاءِ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَحَدَّثُونَ بِرُوحِ اللهِ (٢) وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا، وَيَتَعَارَفُوا وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا، وَإِنْ نَأَتْ بِهُمُ الدِّيَارُ وَتَفَرَّقَتْ بِهُمُ الْمَنَازِلُ. قَالَ: قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ رَسُولِ اللهِ بِحَدِيثٍ أَحْفَظُهُ عَنْكَ. قَالَ: إِنِّي لَمْ أُدْرِكْ رَسُولَ اللهِ ، وَلَمْ تَكُنْ لِي مَعَهُ صُحْبَةٌ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا قَدْ رَأَوْهُ، وَقَدْ بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِهِ كَمَا بَلَغَكُمْ، وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَكُونَ مُحَدِّثًا أَوْ قَاصًّا أَوْ مُفْتِيًا، فِي النَّفْسِ شُغْلٌ يَا هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَخِي، اقْرَأْ عَلَيَّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ أَسْمَعْهُنَّ مِنْكَ، فَإِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ حُبًّا


(١) في (و) و (ك): "النظر".
(٢) كذا، وفي كرامات الأولياء لللالكائي (ص ١١٣) من حديث عبد الله بن عيسى الطفاوي عن عبيد الله بن شميط: "ويتحابون بروح الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>