في المختار" لتأدية القراءة بالسكينة والتدبر والاتعاظ "وكره القعود على القبور بغير قراءة" لقوله عليه السلام: "لئن يجلس أحدكم على جمر فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلدته خير له من أن يجلس على قبر" "و" كره "وطئها" بالأقدام لما فيه من عدم الاحترام وأخبرني شيخي العلامة محمد بن أحمد الحموي الحنفي رحمه الله بأنهم يتأذون بخفق النعال اه. وقال الكمال وحينئذ فما يصنعه الناس ممن دفنت أقاربه ثم دفنت حواليهم خلق من وطء تلك القبور إلى أن يصل إلى قبر قريبه مكروه اه. وقال قاضيخان: ولو وجد طريقا في المقبرة وهو يظن أنه طريق أحدثوه لا يمشي في ذلك وإن لم يقع في ضميره بأن يمشي فيه "و" كره "النوم" على القبور "و" كره تحريما "قضاء الحاجة" أي البول والتغوط "عليها" بل وقريبا منها وكذا كل ما لم يعهد من غير فعل السنة "و" كره "قلع الحشيش" الرطب "و" كذا
ــ
فاعل كتب قوله: "لتأدية" علة لنفي الكراهة وهذا بيان للأكمل قوله: "وكره القعود على القبور لغير قراءة" وروى الإمام مالك في الموطأ أن عليا رضي الله عنه كان يتوسد القبور ويضطجع عليها وفي البخاري تعليقا قالنافع كان ابن عمر يجلس على القبور ووصله الطحاوي قالمالك وما ورد من النهي عن القعود على القبور أي من نحو ما ذكره المؤلف المراد به الجلوس لقضاء الحاجة أي بدليل فعل علي وابن عمر وثبت مرفوعا عن زيد بن ثابت قال إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبور ولحدث أو بول أو غائط أخرجه الطحاوي برجال ثقات قال الطحاوي بعد كلام وقد ثبت بذلك أن الجلوس المنهي عنه في الآثار هو الجلوس للغائط أو البول وأما الجلوس لغير ذلك فلم يدخل في ذلك النهي وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد قال العيني في شرح البخاري فعلى هذا ما ذكره أصحابنا في كتبهم من أن وطء القبور حرام وكذا النوم عليها أليس كما ينبغي فإن الطحاوي هو أعلم الناس بمذاهب العلماء لا سيما مذهب أبي حنيفة اهـ بل مذهب أبي حنيفة وأصحابه كقول مالك كما نقله عنهم الطحاوي وقال منلا علي القارىء في شرح موطأ الإمام محمد حاصله أن النهي للتنزيه وعمل علي وابن عمر محمول على الرخصة إذا لم يكن على وجه المهانة اهـ.
قوله: "فتحرق" بالنصب عطفا على يجلس وهو بالبناء للمجهول وثيابه نائب الفاعل قوله: "تخلص" بضم اللام قال في القاموس خلص خلوصا وخالصة صار خالصا إليه خلوصا وصل اهـ والمضارع كيكتب فإن قاعدته أنه إذا ذكر الماضي ولم يذكر الآتي منه فإنه يكون من باب كتب إلا لمانع قوله: "وكره وطؤها بالأقدام" قد علمت ما فيه قوله: "مكروه" أي تنزيها كما قاله المنلا علي.
قوله: "أنه طريق أحدثوه" أي وتحته الأموات كما قيد به بعضهم قوله: "وكره تحريما قضاءا لحاجة" تقييده بالتحريم هنا يفيد أن المكروه غير تنزيهي قوله: "وكذا كل ما لم يعهد