قال السخاوي: وحكى الخطيب في الكفاية عن جماعة من أهل النقل والمتكلمين أن أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة وإن كانوا كفارا أو فساق التأويل.
"وقال: صاحب المحصول: الحق أنه إن اعتقد حرمة الكذب قبلنا روايته وإلا فلا لأن اعتقاد حرمة الكذب يمنعه منه".
قال السخاوي قال شيخنا والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعة لأن كل طائفة تدعى أن مخاليفها مبتدعة وقد تبالغ فتكفرها فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا معلوما من الدين بالضرورة أي إثباتا ونفيا فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله أصلا وقال أيضا ولاذي يظهر أن نحكم بالكفر على من كان الكفر صريح قوله وكذا من كان لازم قوله وعرض عليه فالتزمه أمامن لم يلتزمه وناضل عنه فإنه لا يكون كافرا ولو كان اللازم كفرا قال وينبغي حمله على غير القطعي ليوافق كلامه الأول.
وسبقه ابن دقيق العيد فقال الذي تقرر عندنا أن لا تعتبر المذاهب في الرواية إذ لا نكفر أحدا من أهل القبلة إلا بإنكار قطعي من الشريعة فإذا اعتبرنا ذلك وانضم إليه التقوى والورع فقد حصل معتمدالرواية وهذا مذهب الشافعي حيث قال تقبل رواية أهل الأهواء قال وأعراض الناس حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس المحدثون والحكام قال الشافعي في الأم ذهب الناس في تأويل القرآن الأحاديث إلى أمور تباينوا فيها ثباينا ششديدا واستحل بعضهم من بعض بما تطول حكايته وكان ذلك متقادما منه ما كان في عهد السلف وإلى اليوم فلم نعلم من سلف الأمة ممن يقتدي به ولا من بعدهم من التابعين رد شهادة أحد بتأويل وإن خطأه وضلله ورآه استحل ما حرم الله عليه ولا يرد أحد بشيء من التأويل كان له وجه يحتمل وإن بلغ فيه استحلال الدم والمال انتهى نقله السخاوي في شرحه.