سؤالا حسنا فقال ما معناه إنا إن لم نقبل الجرح المطلق أسند باب الجرح لأن عبارات الأئمة في كتب الجرح والتعديل" لا حاجة إلى ذكر التعديل كما لا يخفي مطلقة في الغالب إذ مبين السبب قليل جدا.
"وأجاب" ابن الصلاح "عن ذلك بما معناه إنا لم نقل إن من جرح من غير تفسير للسبب فهو يحتج به" حتى يلزم أنا لم تقبل جرحا إلا مبين السبب "بل نقول إما أن نبحث عن حاله" أي حال من حرح جرحا مطلقا عن السبب "ونبين ثقته وإتقانه" بعد البحث عنه "بحيث تضمحل تلك الريبة التي حصلت من إطلاق الجرح حكمنا بثقته" لفظ ابن الصلاح وجوابه أن ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح والحكم به فقد اعتمدناه في أنا توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك بناء على أن مثل ذلك أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف ثم إن من زاحت عنه تلك الريبة منه بالبحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته قبلنا حديثهه ولم نتوقف ثم قال ما معناه "مثل بعض رجال الصحيحين الذي مسهم مثل هذا الجرح" الذي لم يبين سببه "فافهم ذلك فإنه مخلص حسن وإلا" يحصل لنا بالبحث ثقته وإتقانه "توقفنا في حاله" فلا نحكم له ولا عليه أما الأول فلأنه وإن كان الأصل العدالة فقد أوجب الجرح الجملى التوقف في حاله فقت في عضد ذلك الأصل وأما إذا قلنا الأصل الفسق فأوضح "ويترك حديثه لأجل الريبة القوية" الحاصلة من القدح الجملى "لا لأجل ثبوت الجرح".
واعلم أن هذا يشعر بأن البخاري لم يكن في رواته من قدح فيه إلا بقدح مطلق وقد تقدم للمصنف ذلك وأن الذي خرج لهم البخاري ممن قدح فيهم ليس إلا قدحا مطلقا عن بيان السبب وقرره هنا وليس بصحيح وقد بينا في ثمرات النظر خلافه ونقلنا كلام أئمة الجرح والتعديل في جماعة من رواة الشيخين قدحا مبين السبب وعرفه بما في عكرمة.
"قلت: وترك ابن الصلاح القسم الثالث وهو أن يبحث فتظهر صحة الجرح وإنما تركه لظهور الحال فيه" وهو أنا قد تركنا قبول حديثه قبل البحث فبعد ظهور صحة القدح تركه بالأولى فرجال الحديث كالحلال البين والأمور المشتبهات وكلام ابن الصلاح في رجال الحديث ويجري مثله في الحديث وأن تضعيفه المطلق يوجب ريبة فيه وترك العمل به حتى يظهر سبب ضعفه ون هنا نعلم أن معنى قولهم لا يقبل الجرح إلا مفسرا أي لا يعمل به في الرد إلا مفسرا لا أنه لا يقبل مطلقا وأنه لا