للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أنه يجب بيان سبب العدالة ولا يجب بيان سبب الجرح لأن أسباب العدالة يكثر التصنع فيها فيبني المعدلون على الظاهر حكاه صاحب المحصول وغيره.

والثالث: أنه لابد من ذكر أسباب الجرح والعدالة جميعا حكاه الأصوليون قالوا وكما أنه قد يجرح الجارح بما لا يقدح كذلك قد يوثق العدل بما لا يقتضي العدالة.

والرابع: عكسه وهوأنه لا يجب ذكر سبب واحد منهما إذا كان الجارح والمعدل عالما بصيرا وهو اختيار القاضي أبي بكر ونقله عن الجمهور.

"وحكى الخطيب أنه ذهب إلى ذلك الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده كالبخاري ومسلم وغيرهما" قال ابن الصلاح: وهو الذي نص عليه الشافعي وقال الخطيب هو الصواب عندنا "قال ابن الصلاح: وهو ظاهر مقرر في الفقه وأصوله" ودليله ما أفاده قوله "لكثرة اختلاف الناس فيه فربما جرح بعضهم لاعتقاده أن ما جرح به مؤثر في سقوط العدالة وربما استفسر الجارح وذكر ما ليس بجرح فقد روى الخطيب عن محمد بن جعفر المدائني أنه قيل لشعببة لم تركت حديث فلان قال رأيته يركض١ على برذون فتركت حديثه٢" قال الزين فماذا يلزم من ركضه على برذون قد قيل ربما يلزم منه خرم مروءته وذلك إذا كان في موضع أو حال لا يليق بذلك وعليه تحمل رؤية شعبة تحسينا للظن به لما ثبت من جلالته واتساع معرفته حتى قال الإمام أحمد إنه أمة وحدة في هذا الشأن.

"وروى أبو حاتم عن يحيى بن سعيد قال أتى شعبة المنهال بن عمرو فسمع صوتا فتركه" والمنهال وثقة ابن معين والنسائي واحتج به البخاري في صحيحه "قال ابن أبي حاتم" في بيان الصوت الذي سمعه شعبة "سمعت أبي يقول إنه سمع قراءة بألحان فكره السماع منه من أجل ذلك وقد روى الخطيب بإسناده" إلى وهب بن جرير "أنه قال" قال شعبة أتيت منزل المنهال بن عمرو "فسمعت منه صوت الطنبور فرجعت فقيل له" أي لشعبة "ألا سألت عنه؟ ألا تعلم ما هو" لعله كان المنهال غير عالم بذلك في منزله ويحتمل أن لا نعلم أنت ما هو فلعله غير طنبور قيل الورع ما فعله شعبة.


١ يركض على برذون: الركض هو استحثاث الدابة بالرجل لتعدوا. وبرذون: بكسر الموحدة وذال معجمة الجافي الخلقة والجلد على السير في الشعاب والوعر من الخيل غير العربية وأكثر مايجلب من الروم. فتح المغيث ٢/٢١.
٢ الكفاية ص ١١١, وتدريب الراوي ١/٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>