نعم قد بين الحافظ هذا الإجمال في نكته على ابن الصلاح وأتى بأمثلته فقال:
أقول: الأحاديث المرفوعة التي لم يوصل البخاري إسنادها في صحيحه:
منها: ما يوجد في محل آخر من كتابه موصولا.
ومنها: ما لا يوجد إلا معلقا.
فإما الأول: فالسبب في تعليقه أن البخاري من عادته في صحيحه أن لا يكرر شيئا إلا لفائدة وإذا كان المتن يشتمل على أحكام كرره في الأبواب بحسبها أو قطعه في الأبواب إذا كانت الجملة يمكن انفصالها من الجملة الأخرى ومع ذلك لا يكرر الإسناد بل يغاير بين رجاله إما بشيوخه أو بشيوخ شيوخه أو نحو ذلك فإذا ضاق مخرج الحديث ولم يكن له إلا إسناد واحد واشتمل على أحكام واحتاج إلى تكريرها فإنه والحال هذه إما أن يختصر المتن أو يختصر الإسناد وهذا أحد الأسباب في تعليق الحديث الذي وصله في موضع آخر.
وأما الثاني: وهو ما لا يوجد فيه إلا معلقا فهو على صورتين:
إما بصيغة الجزم وإما بصيغة التمريض:
فأما الأول: فهو صحيح إلى من علقه عنه وبقي النظر فيما أبرز من رجاله فبعضه يلتحق بشرطه والسبب في تعليقه له إما لكون لم يحصل له مسموعا وإنما أخذه على طريق المذاكرة أو الإجازة أو كان قد خرج ما يقوم مقامه فاستغنى بذلك من إيراد هذا المعلق مستوفي السياق أو لمعنى غير ذلك ولتقاعده عن شرطه وإن صححه غيره أو حسنه وبعضه يكون ضعيفا من جهة الانقطاع خاصة.
وأما الثاني: وهو المعلق بصيغة التمريض مما لم يورده في مواضع أخر فلا يوجد ما يعلق بغير شرطه إلا مواضع يسرة قد أوردها بهذه الصيغة لكونه ذكرها بالمعنى.
نعم فيه ما هو صحيح وإن تقاعد عن شرطه إما لكونه لم يخرج لرجاله أو لوجود علة فيه عنده ومنها ما هو حسن ومنها ما هو ضعيف وهو على قسمين:
أحدهما: ما يجبر بأمر آخر.
وثانيهما: ما لا يرتقي عن مرتبة الضعيف وحيث يكون بهذه المثابة فإنه يبين ضعفه ويصرح به حيث يورده في كتابه.
ثم سرد أمثلة لما ذكره انتزعها عن عدة أبواب من صحيح بخاري لا نطول بنقلها