للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى حضر، وقدر على إخراجه من المدرسة المذكورة إلى بيت القاضى، وادعى شرف الدين التّتائى عليه بدعاء يطول الشرح فى ذكرها.

والسبب الموجب لهذه القضية، أن أبا الخير النحاس لما وقع له ما وقع، وأقام بالقلعة من يوم الاثنين، إلى يوم الخميس، ثم نزل قبيل العصر إلى داره، بقى الناس فى أمره على قسمين: فمن الناس من لا سلّم عليه ولاراعاه، ومنهم من صار يترجّيه ويتردد إليه، ودام على ذلك إلى أن طلع أبو الخير إلى السلطان من غير إذن، وأصلح ما كان فسد من أمره، ونزل إلى داره، وقد وقع بينه وبين شرف الدين المذكور.

وسبب ذلك أن شرف الدين كان فى هذه المدة هو رسول النحاس إلى السلطان، ومهما كان للنحاس من الحوائج يقضيها له عند السلطان، فظهر لأبى الخير المذكور، بطلوعه إلى القلعة فى ذلك اليوم، أن شرف الدين ليس هو له بصاحب، وأنه ينقل عنه إلى السلطان ما ليس هو مقصوده، بل ينهى عنه ما فيه دماره، فنزل إلى شرف الدين وأظهر له المباينة، وتوعّده بأمور، إن طالت يده، فانتدب عند ذلك شرف الدين له، ودبر عليه: وساعدته المقادير مع بغض الناس قاطبة له، حتى وقع ما حكيناه وادعى عليه بدعاو كثيرة.

واستمر أبو الخير فى بيت القاضى شرف الدين «١» فى الترسيم، وهو يسمع من العامة والناس من أنواع البهدلة والسب مالا مزيد عليه مواجهة، بل يزدحمون على باب القاضى لرؤيته، وصارت تلك الحارة كبعض المفترجات، لعظم سرور الناس لما وقع لأبى الخير المذكور، حتى النساء وأهل الذمة، وأصبح من الغد نهار الجمعة، طلب السلطان خيوله ومماليكه فطلعوا بهم فى الحال، بعد أن شقوا بهم القاهرة، وازدحم الناس لرؤيتهم، فكانت عدة الخيول نيفا على أربعين فرسا، منها «٢» بغال أزيد من عشرة، والباقى خيول خاصّ هائلة، والمماليك نحو [من] «٣» عشرين نفرا، واستمر شرف الدين يتتبع آثاره وحواصله،