هو كذلك، وإنما هى ذات «خمس وجوه» ، وأما التاج فإنه خراب، وقد أنشأ به عظيم الدّولة الصاحب جمال الدين بن يوسف ناظر الجيش والخاص عمائر «١» هائلة وسبيلا ومكتبا وبستانا وغير ذلك- انتهى.
ولمّا توجّه السلطان إلى «الخمس وجوه» أقام به نهاره ثم عاد إلى القلعة، وأقام بها إلى يوم الأربعاء خامس عشر شوال فغضب على الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الخواص وضربه بين يديه ضربا مبرّحا، ثم أمر به فنزل إلى داره على وظائفه من غير عزل، كل ذلك والسلطان مريض ملازم للفراش، غير أنه يتنقّل من مكان إلى مكان محمولا على الأكتاف.
فلما كان يوم الاثنين عشرين شوال أشيع بالقاهرة موت السلطان، فاضطرب الناس، ثم أفاق السلطان فسكنوا، فطلع أمير حاج المحمل الأمير تمرباى المشدّ وقبّل الأرض وخرج بالمحمل إلى بركة الحاج من يومه، وسافر الحاج وهو على تخوّف من النّهب بسبب الإشاعات بموت السلطان.
ثم فى يوم الاثنين المذكور طلب السلطان الخليفة والقضاة الأربعة والأمراء والأعيان وعهد إلى ولده الأمير أحمد «٢» بالسلطنة من بعده، وعمره سنة واحدة ونحو خمسة أشهر وخمسة أيام؛ فإن مولده فى جمادى الأولى من السنة الخالية، وجعل الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى القائم بتدبير ملكه إلى أن يبلغ الحلم، وأن يقوم بتدبير الدّولة مدّة غيبة الأتابك ألطنبغا القرمشى إلى أن يحضر الأمراء الثلاثة وهم: قجقار القردمىّ أمير سلاح، وتنبك العلائى ميق المعزول عن نيابة الشام، والأمير ططر أمير مجلس، وحلّف السلطان الأمراء على العادة، وأخذ عليهم الأيمان والعهود بالقيام فى طاعة ولده وطاعة مدبّر مملكته، ثم حلّف المماليك من الغد، ثم أفاق السلطان وحضرت الأمراء الخدمة على العادة.