بالقاهرة، فاشتدّ الأمر على الناس بمصر والشام من كثرة السّخر، وكثر دعاؤهم على السلطان، وتنكّرت قلوب الأمراء، وكثرت الإشاعة بتنكّر السلطان على نائب الشام، وأنّه يريد مسكه حتّى بلغه ذلك، فاحترز على نفسه، وبلغه قتل يوسف ابن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وقوّة عزم السلطان على سفر الحجاز موافقة لأغراض نسائه، فجمع أمراء دمشق، وحلّفهم على القيام معه، وبرز إلى ظاهر دمشق فى نصف جمادى الأولى وأقام هناك وحضر إليه الأمير طرنطاى البشمقدار نائب حمص والأمير أراق الفتّاح نائب صفد والأمير أسندمر نائب حماة والأمير بيدمر البدرى نائب طرابلس، فاجتمعوا جميعا بظاهر دمشق مع عسكر دمشق لخلع الملك الكامل شعبان هذا، وظاهروا بالخروج عن طاعته، وكتب الأمير يلبغا اليحياوى نائب الشام إلى السلطان: بأنى أحد الأوصياء عليك، وأنّ مما قاله السلطان السعيد الشهيد، رحمه الله تعالى، (يعنى عن الملك الناصر) لى وللأمراء فى وصيّته: إذا أقمتم أحدا من أولادى ولم ترضوا بسيرته جرّوا برجله وأخرجوه وأقيموا غيره أحدا «١» ، وأنت أفسدت المملكة وأفقرت الأمراء والأجناد، وقتلت أخاك وقبضت على أكابر أمراء السلطان واشتغلت عن الملك والتهيت بالنساء وشرب الخمر، وصرت تبيع أخباز الأجناد بالفضّة، وذكر له أمورا فاحشة عملها، فقدم كتابه إلى القاهرة فى يوم الجمعة «٢» العشرين من جمادى الأولى فلما قرأه السلطان تغيّر تغيّرا كبيرا، وأوقف أرغون العلائى عليه بمفرده، فقال له أرغون العلائى: والله لقد كنت أحسب هذا! وقلت لك فلم تسمع قولى، وأشار عليه بكتمان هذا، وكتب الجواب يتضمّن التلطّف فى القول: وأخرج الأمير منجك اليوسفى على البريد