للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانا متقابلين"١.

ومن ذلك أنّ ابن منظورٍ ذكر (المَكَان) في موضعين (ك ون) و (م ك ن) فاختلف الشّرحان؛ إذ ذكر في الأوّل أنّ المكان الموضع، وجمعه: أمكنةٌ وأماكن؛ على توهّم أصالة الميم في المكان، وأشار إلى أنّه قيل: إنّ الميم في المكان أصلٌ، كأنّه من التّمكّن دون الكون، لقولهم في جمعه: أمكنة، وذكر أنّ سيبويه حكى هذا الجمع، فهذا زائدٌ في الدّلالة على أنّ وزن الكلمة (فَعَال) دون (مَفْعَل) . ثمّ ذكر - نقلاً عن اللّيث - أنّ اشتقاق المكان من: كان يكون، ولكنّه لمّا كثر في الكلام صارت الميم كأنّها أصليّةٌ. ثمّ انتقل إلى الإشارة إلى أنّ الكلام مذكّرٌ.

وانتقل - بعد ذلك - إلى النّقل عن الجوهريّ؛ فذكر أنّ المكانة: المنزلة، وفلانٌ مكينٌ عند فلانٍ؛ أي: بيّن المكانة، والمكانة الموضع. ونقل استدلاله بقوله - عزّ وجلّ: {وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} ٢ ونقل عن الجوهريّ تعليلهم السّابق في توهّم أصالة الميم في (المكان) .

ثمّ نقل اعتراض ابن برّيّ على الجوهريّ بأنّ: مكيناً ومكاناً ومكانةً وأمكنةً: (فَعِيْل) و (فَعَال) و (فَعَالة) و (أَفْعِلَة) فليس شيءٌ منها من: الكون؛ فلا وجه لذكرها في هذا الموضع: (ك ون) ولأنّ: تَمَسْكَن (تَمَفْعَلَ) كتَمَدْرَعَ؛ مشتقّاًمن المِدْرَعَة، فعلى قياسه - عند ابن برّيّ فيما نقل ابن منظورٍ - يقال: في تَمَكَّنَ: تَمَكْوَنَ - لأنّه (تَمَفْعَلَ) على اشتقاقه - لا تَمَكَّنَ؛ لأنّ الأخير وزنه (تَفَعَّلَ) وذكر - نقلاً عن ابن برّيّ - أنّ هذا


١ الصّحاح ٦/٢٥٠٥.
٢ سورة يس: الآية ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>