للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصل في الإدغام أن يكون الحرفان مثلين؛ نحو ((شَدّ)) و ((كَسَّرَ)) ويحمل عليه إدغام المتقاربين بعد قلب أحدهما للإدغام؛ نحو ((ادّكَرَ)) وهو في الأصل ((ادْتَكَرَ)) و ((اتّصَلَ)) وهو - في الأصل ((اوْتَصَلَ)) على زنة (افْتَعَلَ) . ولذلك فإنّه إن وجد حرف مضعّف ينبغي أن يكون من إدغام المثلين، إلاّ أن يقوم دليلٌ على أنّه من إدغام المتقاربين؛ لأنّه لا يجوز إدغام الحرف في مقاربه في كلمة واحدة؛ لئلاّ يلتبس بإدغام المثلين؛ فلا يجوز- مثلاً - الإدغام في ((أنْمُلَةٍ)) فيقال: ((أُمُّلَةٍ)) لأنّ ذلك يؤدّي إلى اللّبس؛ فلا يدري هل هو في الأصل ((أنْمُلَةٍ)) أو ((أمْمُلَة)) فيتداخل الأصلان (ن م ل) و (م م ل) .

فإن كان في الكلمة ما يدلّ على إدغام المتقاربين جاز الإدغام؛ نحو ((امّحَى الخطُّ)) وأصله ((انْمَحَى)) لأنّ هذا لا يمكن أن يكون من إدعام المثلين؛ إذ لو كان كذلك لكان على وزن (افَّعَلَ) وهو بناء مفقود في كلام العرب؛ فتبيّن بذلك أنّ الأصل ((انْمَحَى)) لوجود (انْفَعَلَ) ١.

ومن الممكن أن يكون الإدغام سبباً لتداخل الأصول؛ ولا سيّما في مثل هذا النّوع؛ أعني: إدغام المتقاربين بعد القلب (الإبدال) لأنّهم ربّما اختلفوا في ذلك؛ فيتداخل الأصلان؛ كما حدث في ((هَمَّرِشٍ)) بسبب الإدغام، واختلافهم في توجيهه، فمن عدّه من باب إدغام المتقاربين كان عنده رباعيّاً من (? م ر ش) ومن عدّه من باب إدغام المتقاربين كان عنده - خماسيّاً من (? ن م ر ش) . وقد تقدّم تفصيل التّداخل فيه.


١ ينظر: الممتع ١/٢٩٥، ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>