للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأمة الإسلاميّة تعاني نكوصاً في جميع مجالات الحياة وتفتقد لتكامل هذه العناصر الأربعة ولذا فهي تحتاج إلى وقفة جادة وشاملة لإعادة إخراجها، واسترداد دورها في الشهود الحضاري. وحمزة شحاتة كان أحد أدبائنا ومفكرينا الذين استوقفهم حال الأمة “شهود حضاريٌّ ” في الماضي و “ إفلاس حضاري ” في الحاضر.

إن التنافر الذي يدب في التجانس التركيبي للحياة هو الذي يدفعها إلى الأمام، لكنه لا يفعل ذلك في أمتنا بوصفها جسماً اجتماعيّاً حيّاً (١) .

ولهذا فالمآل هو الهلاك ((ينبغي أن لا نشك في مستقبلنا الاجتماعي كأمة كلما ارتفع ميزان الحضارة والتقدم الصناعي في الأمم البعيدة، لا معدى عن أن نرتدّ بدواً تضرب في هذه الصحاري المقفرة لتشارك الحيوانات حياتها)) (٢) .

وعلى هوان هذه الأمة ونكوصها الحضاري أنها ((كالمعدة القوية، تهضم كل شيء بسهولة)) (٣) تهضم ما تحتاج إليه ومالا تحتاج إليه، وهذا الهضم المتكرر، يعلم الاستهلاك لا الإنتاج، ويقتل ولا ينفع، “ والمعدة بيت الداء ”، وهذا يعني أن “ الإنتقاء ” مبدأ حياة، وخيار وجود، ودليل وعي.

هذه العلة تجعل سمة كل ((من يحلم بإصلاح هذه الأمة، أن يكون مفرطاً في التشاؤم إلا إن كان لا يعبأ بالخذلان)) (٤)

لقد أصبحت الأمة “ حيواناً بليداً ” حين فقدت شهودها الحضاري، ولا يعاب الأدباء - ومنهم حمزة شحاتة - في أنهم لم يستطيعوا ((تحريك هذا الحيوان البليد الذي تدعوه أمه؛ لأن هذا لم يكن ميسوراً لكرّة الزمن نفسه في ثلاثة عشر قرناً)) (٥) .


(١) رفات عقل ص ٤٧.
(٢) المرجع نفسه ص ٤٧.
(٣) نفسه ص ٤٩.
(٤) نفسه ص ٤٨.
(٥) نفسه ص ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>