إن الأرقام الخاصة بالتجارة الداخلية الأفريقية توضح مدى أثار هذه التبعية الاقتصادية، على الرغم من ضآله حجمها بالنسبة للتجارة العالمية خاصة إذا قورنت بالتجارة الداخلية لكل من قارتي آسيا وأمريكا اللاتينية، فقد بلغت نسبة التجارة الداخلية الأفريقية ٦% من تجارة القارة مع العالم الخارجي عام ١٣٩٠ هـ ١٩٧٠م والتي بلغت نسبتها إلى التجارة العالمية ٤%، بينما بلغت نسبة التجارة الداخلية لكل من قارتي آسيا وأمريكا اللاتينية إلى نسبة تجارة كل منهما مع العالم الخارجي في نفس العام على التوالي ٢١.٣% بالنسبة للأولى و ١١.٨% بالنسبة للثانية (١) وهذا يوضح ضالة حجم التبادل التجاري بين بلدان العالم الثالث عموماً؛ لأن معظم صادارات هذه الدول هي من المواد الخام التي تتجه إلى أسواق الدول الصناعية الرأسمالية. ومن هنا يبدو أن التبادل التجاري بين الدول العربية والدول الأفريقية كان محدود الأثر، بل أن حاجة معظم هذه الدول الماسة (خاصة الأفريقية منها) إلى الاستثمارات المالية والخبرات الفنية والتكنولوجيا الحديثة تضيف بعداً آخر لعوامل التأثير على المواقف السياسية للدول الأفريقي، نظراً لاعتمادها في جميع هذه المجالات على الدول الاستعمارية الأم والدول الغربية عموماً المعروفة بتأييدها لأسرائيل. لهذه الأسباب كانت معدلات التبادل التجاري العربي الأفريقي غير مؤثرة في مواقف الدول الأفريقية من القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وتجدر الإشارة إلى أن عدد الدول العربية التي كانت تقيم علاقات تجارية مع الدول الأفريقية كان عدداً محدودا ولايشمل كل دول المجموعة العربية في تلك المرحلة، ويكاد ينحصر في المملكة العربية السعودية والعراق من قارة أسيا ومصر والجزائر والسودان وليبيا من قارة أفريقيا وتأتي مصر
(١) محمد عبد الغني سعودي، الاقتصادي الأفريقي والتجارة الدولية مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة ١٩٧٣م، ص ٣٢