هذه آراءُ النُّحَاةِ في هذه المَسْأَلَةِ، والمُلاحَظُ فيها وُجُودُ التَّناقُضِ في الآراءِ الكَثيرَةِ التي أَجازت الحذَْفَ، فهناك سبعة آراء، وكلُّ رَأيٍ مِنْها يتَعارض مع الآخر،والذي أَراهُ أَنَّ العَرَبِيَّ لا يَرْتَضِي أَنْ يَكونَ كَلامُه مُبْهَماً، فإِذا حَذَفَ كانَ هُناكَ مَا يَدُلُّ عَلى الحَذْفِ لَفْظاً أو مَعْنىً،حَيْثُ يُدْرِكُ أَنَّ السَّامِعَ قد أَدْرَكَ مَا يَرْمِي إليه المُتَكَلَّمُ، أَمَّا أَنْ يَحْذِفَ دونَ تَرْكِ دَليلٍ عَلى المَحْذُوفِ فهذا ليسَ مِنْ سَمْت لُغَةِ العَرَبِيِّ، فالذي يَظْهَرُ لي هو مَنْعُ الحَذْفِ، وهذا مَا اخْتَارَه ابنُ الباذِش
إفراد كافِ الخِطابِ
تَلْحَقُ بِأَسْمَاءِ الإشَارَةِ في العَرَبِيِّةِ كافُ الخِطَابِ، وهو حَرْفٌ يُبَيِّنُ أَحْوالَ المُخَاطَبِ مِنْ إِفْرَادٍ وتَثْنِيَةٍ وجَمْعِ وتَذْكِيرٍ وتَأْنِيثٍ، فتَقولُ: (ذلكَ) (ذلكُمَا) (ذلكُمْ) (ذلكُنَّ) ...الخ،وقد جَاءَ في العَرَبِيَّةِ خِطَابُ الجَمْعِ بِكَافِ الخِطَابِ للمُفْرَدِ،ومِنْ ذلكَ قولُه تَعَالى: (ذلِكَ يُوعَظُ بِه ( {البقرة ٢٣٢} وفي آيةٍ أُخْرَى: (ذلِكُمْ يُوْعَظُ بِهِ ( {الطلاق ٢} والخِطَابُ في الآيَتَيْن للجَمَاعَةِ.
وذَكَرَ أبو الحَسَنِ بنُ الباذِش تَأْويلَيْن لإفْرادِ كافِ الخِطابِ عِندَ خِطابِ الجَمَاعَةِ (١) ، أَحَدَهُما أَنْ يَكُونَ الخِطابُ خَاصّاً بِوَاحِدٍ مِنْ الجَمَاعَةِ لجَلالَتِه، والمُرادُ الجَمِيعُ، والثاني تَقْديرُ اسْمٍ مِنْ الأسْمَاءِ (أَسْمَاءِ الجُمُوعِ) التي تَقَعُ عَلى الجَمَاعَةِ،والخِطَابُ فيه للكُلِّ، ويُقَدِّرُه ابنُ الباذِش بقَوْلِه: ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ يا فَريقُ ويا جَمْعُ.
(١) انظر الهمع ١/٢٦٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute