للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نصر، قال عمر: وحدثنى مجالد، عن الشعبى، عن زياد بن النضر الحارثى وكان على مقدمة على، قال: شهدت مع علىِ بصفين، فاقتتلنا ثلاثة ايام وثلاث ليال، حتى تكسرت الرماح، ونفذت السهام، ثم صرنا إلى المسايفة فاجتلدنا بها إلى نصف الليل، حتى صرنا نحن واهل الشام في اليوم الثالث يعانق بعضُنا بعضاً، وقد قاتلت ليلتئذ بجميع السلاح، فلم يبق شئ من السلاح إلا قاتلت به، حتى تحاثينا بالتراب، وتكادمنا [بالأفواه] ، حتى صرنا قياماً ينظر بعضُنا إلى بعض مايستطيع واحد من الفريقين ينهض إلى صاحبه ولا يقاتل. فلما كان نصف الليل من الليلة الثالثة انحاز معاوية وخيله من الصف، وغلب على عليه السلام على القتلى في تلك الليلة، وأقبل على أصحاب محمد ش وأصحابه فدفنهم، وقد قتل كثير منهم، وقتل من أصحاب معاوية أكثر، وقتل فيهم تلك الليلة شمر بن أبرهة، وقتل عامة من أصحاب على يومئذ، فقال عمارة:

قالت أمامة: ماللونك شاحباً

والحربُ تَشْحَبُ ذا الحديد الباسلِ

أنى يكون أبوك أبيض صافياً

بين السمائم فوق متن السائلِ

تغدو الكتائبُ حولَه ويسوقهمْ

مِثلَ الاسود بكلَّ لَدْنِ ذابلِ

خُزْرَ العُيون من الوفود لدى الوَغَى

بالبِيض تَلمع كالشَّرَار الطاسلِ (١)

قالوا معاوية بن حرب بايعُوا

والحرب شائلة كظهر البازلِ

فخرجت مُخْترمَا أجرُّ فُضُولَها

حتى خَلصْتُ إلى مقام القَاتلِ

وقال عمرو بن العاص:

إذا تخازَرْت ومابى من خََزرْ

ثم خبأت العينَ من غير عََورْ

ألفيتنى ألوى (٢) بعيد المسَتمَر

ذا صَولةٍ في المْصَمِئَّلاتِ الكُبَرْ

أحمل ماحُمَّلتُ من خير وشر

كالحَّيةِ الصَّمَّاءِ في أصل الصَّخَرْ

وقال محمد بن عمرو بن العاص:

لو شهدت جُمْلٌ مقامى وَموقفى


(١) الطَّاِسلُ: الغبار المرتفع.
... - ابن منظور، لسان العرب. ج٥ ص٢٦٧١.
(٢) الألوى: الشديد الخُصُومِةِ.
... - ابن منظور، لسان العرب. ج٧ ص٤١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>