والمئذنتان تنتميان إلى عهدين مختلفين من عصور العمارة الإسلامية (مملوكية وعثمانية) ، وهو أمر لم يغب عن الجهة المنفذة. مما حدا بالهيئة المشرفة على اختيار التصاميم المناسبة للعمارة السعودية، وهم اتحاد المهندسين الاستشاريين في كراتشي بباكستان (٦١) ، إلى المفاضلة بين ما تتميز به المنارتين من خصائص معمارية وزخرفية.
ولأن المنارة الرئيسية قد حظيت عند بنائها باشتمالها على كل ما يميز المآذن المملوكة من زخارف وعناصر معمارية (٦٢) ، فإن التشابه بينها وبين المئذنتين اللتين أقيمتا في التوسعة السعودية الأولى، يدعو إلى الاعتقاد إن لم يكن الجزم، بأن زخارفها وتكوينها المعماري، قد أوحى إلى مصمم المئذنتان السعوديتين باقتباس معظم زخارفها، كالمقرنصات والخطوط المتكسرة التي تزين الجزء الأسطواني في الجزء الثالث من المئذنتين السعوديتين. لاسيما وقد طلب الملك عبد العزيز من الجهة المنفذة مراعاة التجانس المعماري بين التوسعة وما تبقى من العمارة العثمانية في مقدمة المسجد النبوي الشريف. (٦٣)
وتقع المئذنتان المذكورتان في مؤخرة التوسعة السعودية، إحداهما في الركن الشمالي الشرقي، والأخرى في الركن الشمالي الغربي، وقد حفر أساسهما إلى عمق ١٧ متراً (٦٤) . وتتكون كل منهما من أربعة طوابق.
الطابق الأول: مربع الشكل يرتفع من الأساس إلى أعلى سطح المسجد، وينتهي بشرفة مربعة محمولة على أربعة صفوف من المقرنصات (الدلايات) ، وبكل ضلع منها فتحة ضيقة مسدودة بالزجاج، تمتد من فوق القاعدة إلى قرب الشرفة. وقد جاء موقعهما كما يتضح من الشكل (١) والصورة رقم (٥) ، بارزاً عن أصل الجدار وظاهراً في داخل المسجد، مما أضفى على شكلهما الخارجي بهاءاً وجمالاً.