للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول أبو حنيفة: ((هذا رأيي، وهذا أحسن ما رأيت، فمن جاء براي خير منه قبلناه)) وصحّ مثل هذا القول عن مالك وأحمد (١) .

وإذا أنت بحثت ونظرت، وجدت أن أكثر الناس نصحاً لهؤلاء الأئمة، هم كبار أصحابهم، فهذا محمد بن الحسن (٢) وأبو يوسف (٣) قد خالفا أبا حنيفة في كثير من المسائل، ولا يجدون غضاضة في الرجوع إلى الحق، ولهذا لما اجتمع أبو يوسف بمالك فسأله عن الصاع، وصدقة الخضروات، ومسألة الأجناس، فأخبره مالك بما تدل عليه السنة في ذلك، قال: ((رجعت إلى قولك يا أبا عبد الله، ولو رأى صاحبي ما رأيت لرجع إلى قولك كما رجعت)) (٤) .

وهذا المزني (٥) وهو ناشر مذهب الشافعي، اختصر مذهب صاحبه، ولم يجد حرجاً أن يذكر بعد البسملة في افتتاح الكتاب وصية الشافعي فقال: ((اختصرت هذا الكتاب في علم محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله - ومن معنى قوله، لأقربه على من أراده، مع إعلامه نهيه عن تقليده وتقليد غيره، لينظر فيه لدينه، ويحتاط لنفسه)) (٦) .


(١) انظر: مجموع الفتاوى ٢٠ / ٢١١.
(٢) هو محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله، صحب أبا حنيفة وسمع منه، له ((المبسوط)) و ((الجامع الكبير)) توفي سنة ١٨٩ هـ.
انظر ترجمته في: شذرات الذهب ٢ / ٤٠٧، الأعلام ٦ / ٨٠.
(٣) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، أبو يوسف، صاحب أبي حنيفة، له ((أدب القاضي)) و ((الأمالي)) توفي سنة ١٨٢ هـ.
انظر ترجمته في: شذرات الذهب ٢ / ٣٦٧، الأعلام ٨ / ١٩٣.
(٤) انظر: مجموع الفتاوى ٢٠ / ٢١١.
(٥) هو إسماعيل بن يحيى المزني، أبو إبراهيم، صاحب الشافعي، من كتبه ((الجامع الكبير)) و ((المختصر)) توفي سنة ٢٦٤ هـ.
انظر ترجمته في: شذرات الذهب ٣ / ٢٧٨، الأعلام ١ / ٣٢٩.
(٦) انظر: مختصر المزني ص ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>