يرى عباس حسن أنه يعدّ " باب (التنازع) من أكثر الأبواب النحوية اضطرابا، وتعقيدا، وخضوعا لفلسفة عقلية خيالية. ليست قوية السند بالكلام المأثور الصحيح، بل ربما كانت مناقضة له.
فأما الاضطراب فيبدو في كثرة الآراء والمذاهب المتعارضة التي لا سبيل للتوفيق بينها أو التقريب". ( [١٢١] )
يتجلى هذا في أن بعضها يجيز حذف المرفوع كالفاعل، وبعضها لا يجيز. وفريق يجيز أن يشترك فعلان أو أكثر في فاعل واحد. وفريق يمنع.
وطائفة تبيح الاستغناء عن المعمولات المنصوبة، وعن ضمائرها. وطائفة تبيح حذف ما ليس عمدة الآن أو في الأصل وفئة تحتم تقدير ضمير المعمول متأخراً في بعض الصور وفئة لا تحتم، فليس بين أحكام التنازع حكم متفق عليه أو قريب من الاتفاق. ( [١٢٢] )
وأما التعقيد فلما أوجبوه مما ليس بواجب، ولا شبه واجب، فقد حتموا أن يكون ضمير الاسم المتنازع فيه واجب التأخير عنه حينا في رأي كثرتهم فرارا من الإضمار قبل الذكر، ومتقدمًا حينًا آخر إذا تعذر تأخيره لسبب ما تخيلوه. ( [١٢٣] )
ولقد نشأ من مراعاة أحكامهم هذه أساليب بلغت الغاية في القبح، لا ندري: ألها نظير في الكلام العربي، أم ليس لها نظير؟ كقولهم:(استعنتُ واستعان علي زيد به) و (ظننتُ مطلقة وظنتني منطلقا هند إياها)
و (أعلمني وأعلمته إياه إياه زيد عمرا قائما) و (أعلمتُ زيدًا عمرا قائما إياه إياه) وهذا قليل من الأمثلة البغيضة التي لا يطمئن المرء أن لها نظائر في الأساليب المأثورة. ( [١٢٤] )