ج - نظام التقليبات: وقد قَصَدَ به الخليل - رحمه الله - تَنَقُّلَ الحرفِ الواحدِ في أكثر من موضع في كلّ بناء من الأبنية السابقة، فجاء الثنائيّ على وجهين، والثلاثيّ على ستة أوجه، والرباعيّ على أربعة وعشرين وجهاً، والخماسيّ على مائة وعشرين وجهاً منها المستعملُ ومنها المهلُ (٥٤) فعالج الكلمةَ ومقلوباتها في كلّ بناء من الأبنية السابقة في موضع واحد مراعياً في ذلك الحروف الأصول وسمّى كلّ حرف من الحروف الهجائية كتاباً فبدأ معجمه بكتاب العين ومقلوباتها، فكتاب الحاء ومقلوباتها، وسمّى ما نطقت به العرب مستعملاً وما لم تنطق به مهملاً. فمثلاً نجد الكلمات:(عرب - رعب –عبر-–ربع - بعر-–برع) تحت باب العين لأنّ العين أسبق من الراء والباء.
ومن المعاجم التي سارت على نظام الخليل بن أحمد – رحمه الله- البارع للقاليّ (ت٣٥٦هـ) والتهذيب للأزهريّ (ت ٣٧٠هـ) والمحيط للصاحب ابن عبّاد (٣٨٥هـ) والمحكم لابن سيده (ت٤٥٨هـ) .
والرابطة المشتركة التي تجمع بين هذه المعاجم اتحادها في الترتيب الخارجي للمادة المعجمية على طريقة الخليل بن أحمد – رحمه الله- مع بعض الاختلاف في الترتيب أو الأبنية، فنجد على سبيل المثال أنّ القالي بدأ معجمه بالهاء، كما نجد أيضاً أن ابن سيده في (المحكم) زاد في الأبنية السداسي. (٥٥)
وقد أُخِذَ علىهذا النظام صعوبة البحث، ومشقة الاهتداء إلى اللفظ المراد؛ بسبب قيامه على المخارج، والأبنية، والتقليبات، وهذا ما لمسه بعض المعجميين القدماء أنفسهم فهذا ابن دريد يقول في مقدمته عن الخليل وكتاب (العين) :
(( ... ...قد الّف الخليل بن أحمد كتاب العين فأتعب من تصدّى لغايته وعنى من سما إلى نهايته ... )) ثمّ نراه يلتمس العذر للخليل بقوله أيضاً: (( ... ولكنه رحمه الله أَلّف كتابه مشاكلا لثقوب فهمه، وذكاء فطنته، وَحِدَّةِ أذهانِ عصرِه)) (٥٦) .