للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((وروح قدسك لا تنزعه مني)) (٢٥٦) ، عدم خصوصية الروح القدس بالمسيح عليه السلام فقال: ((هذا دليل على أن روح القدس التي كانت في المسيح من هذا الجنس، فعلم بذلك أن روح القدس لا تختص بالمسيح، وهم يسلمون ذلك، فإن ما في الكتب التي بأيديهم في غير موضع أن روح القدس حلت في غير المسيح، في داود، وفي الحواريين، وفي غيرهم، وحينئذٍ فإن كان روح القدس هو حياة الله، ومن حلت فيه يكون لاهوتاً، لزم أن يكون إلهاً، لزم أن يكون كل هؤلاء فيهم لاهوت وناسوت كالمسيح، وهذا خلاف إجماع المسلمين والنصارى واليهود، ويلزم من ذلك أن يكون المسيح فيه لاهوتان: الكلمة، وروح القدس، فيكون المسيح من الناسوت: أقنومين أقنوم الكلمة، وأقنوم روح القدس، وأيضاً فإن هذه ليست صفة لله قائمة به، فإن صفة الله القائمة به، بل وصفة كل موصوف لا تفارقه وتقوم بغيره، وليس في هذا أن الله اسمه روح القدس، ولا أن حياته اسمها روح القدس، ولا أن روح القدس الذي تجسد منه المسيح، ومن مريم هو حياة الله سبحانه وتعالى، وأنتم قلتم: إنَّا معاشر النصارى لم نسمه بهذه الأسماء من ذات أنفسنا، ولكن الله سمى لاهوته بها، وليس فيما ذكرتموه عن الأنبياء أن الله سمى نفسه، ولا شيئاً من صفاته روح القدس، ولاسمى نفسه ولا شيئاً من صفاته ابناً، فبطل تسميتكم لصفته التي هي الحياة بروح القدس، ولصفته التي هي العلم بالابن. وأيضاً فأنتم تزعمون أن المسيح مختص بالكلمة والروح، فإذا كانت روح القدس في داود عليه السلام والحواريين وغيرهم بطل ما خصصتم به المسيح، وقد علم بالاتفاق أن داود عبد الله عز وجل، وإن كانت روح القدس فيه، وكذلك المسيح عبد الله وإن كانت روح القدس فيه، فما ذكرتموه عن الأنبياء، حجة عليكم لأهل الإسلام، لا حجة لكم)) (٢٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>