الوجه الثاني: أن يقال هب أنها ظهر مقصورة فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصلي في سفره سنة الظهر المقصورة لاقبلها ولا بعدها وإنما كان يصليها إذا أتم الظهر فصلى أربعا فإذا كانت سنته التي فعلها في الظهر المقصورة خلاف التامة كان ما ذكروه حجة عليهم لا لهم وكان السبب المقتضى لحذف بعض الفريضة أولى بحذف السنة الراتبة كما قَال بعض الصحابة:((لو كنت متطوعا لأتممت الفريضة)) . فإنه لو استحب للمسافر أن يصلي أربعا لكانت صلاته للظهر أربعا أولى من أن يصلي ركعتين فرضا وركعتين سنة.
وهذا لأنه قد ثبت بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتواترة أنه كان لايصلي في السفر إلا ركعتين في الظهر والعصر والعشاء وكذلك لما حج بالناس عام حجة الوداع لم يصل بهم بمنى وغيرها إلا ركعتين وكذلك أبو بكر بعده لم يصل إلا ركعتين وكذلك عمر بعده لم يصل إلا ركعتين)) اهـ.
أما الجواب عن الدليل الثالث عشر:
قَال ابن القيم ( [٢٣٦] ) : ((إنه قياس فاسد، فإن السنة ما كان ثابتا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو سنة خلفائه الراشدين وليس في مسألتنا شيء من ذلك، ولا يجوز إثبات السنن في مثل هذا بالقياس، لأن هذا مما انعقد سبب فعله في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا لم يفعله ولم يشرعه كان تركه هو السنة ونظير هذا أن يشرع لصلاة العيد سنة قبلها أو بعدها بالقياس فلذلك كان الصحيح أنه لايسن الغسل للمبيت بمزدلفة ولا لرمي الجمار ولا للطواف ولا للكسوف ولا للإستسقاء لأن النبي r وأصحابه لم يغتسلوا لذلك مع فعلهم لهذه العبادات)) .
الترجيح
الَّذِي يظهر والله أعلم رجحان القول الأول وهو أنه ليس للجمعة سنة قبلية وذلك لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة قبلها لامن قوله ولا من فعله وذلك أنه إذا أتى المسجد يوم الجمعة أذن المؤذن ثم خطب ولم ينقل عنه r أنه كان يصلي سنة الجمعة من وجه ثابت.