للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(من الخياشيم أو الأنف) على مذهب سيبويه (١) . فاتسعت بذلك في المخرج، بخلاف سائر الحروف فأحاطت باتساعهم بذلك في المخرج بحروف الفم فشاركتها بالإحاطة بها فخفيت عندها، وكان ذلك أخف لأنهم لو استعملوها مظهرة لعمل اللسان فيها من مخرجها ومن مخرج غنتها، فكان خفاؤها أيسر ليعمل اللسان مرة واحدة (٢) . وذلك أنها من حروف الفم، وأصل الإدغام لحروف الفم لأنها أكثر الحروف، فلما وصلوا إلى أن يكون لها مخرج من غير الفم كان أخف عليهم ألا يستعملوا ألسنتهم إلا مرة واحدة، وكان العلم بها أنها نون ذلك الموضع كالعلم بها وهي من الفم لأنه ليس حرف يخرج من ذلك الموضع غير النون والميم فاختاروا الخفة إذ لم يكن لبس (٣) . وقيل إنما أخفيت (النون الساكنة والتنوين والميم الساكنة) عندها لأنها تخرج من خرق الأنف الذي يمتد إلى داخل الفم لا من المنخر، فكان بين النون وحروف الفم اختلاط فلم تقو قوة حروف الحلق فتظهر معها، وإنما كانت متوسطة بين القرب والبعد لتوسط أمرها بين الإظهار والإدغام فأخفيت عندها لذلك، وعليه فلها ثلاثة أحوال: الإدغام والإخفاء والإظهار، فالإدغام للتقارب بالحد الأدنى، والإظهار للتباعد بالحد الأقصى، والإخفاء للمناسبة بالحد الأوسط. قال أبو عثمان المازني: " وبيانها مع حروف الفم لحن " (٤) . ويفترق الإدغام عن الإخفاء في الأمور التالية:

أن الإخفاء لا تشديد معه مطلقا بخلاف الإدغام ففيه تشديد.

أن إخفاء الحرف يكون عند غيره، وأما إدغامه فيكون في غيره.

أن الإخفاء يأتي من كلمة ومن كلمتين، وأما الإدغام فلا يكون إلا من كلمتين. وقد ساق بعض علماء القراءات مراتب ثلاثا للإخفاء وهي:

١. أعلاها عند الطاء والدال والتاء لقرب مخرج النون من مخرج هذين الحرفين فيكون الإخفاء فيها قريبا من الإدغام وذلك لقربهن من النون والتنوين في المخرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>