وتدغم الميم الساكنة في مثلها كقوله تعالى " الرحيم مالك يوم الدين "(١) ، فإذا وقعت الميم المتحركة بعد الميم الساكنة سواء أكان معها في كلمة " ألم " أم في كلمتين كقوله تعالى " كم من فئة " وجب إدغام الميم الساكنة في الميم المتحركة، ويسمى إدغام متماثلين صغيرا ولا بد معه من الغنة المصاحبة له وهي هنا بالإجماع، ووجهه: التماثل. ويلحق به أيضا إدغام النون الساكنة والتنوين في الميم نحو " من مال " كما سيأتي بيانه إن شاء الله وذلك لقلب المدغم من جنس المدغم فيه، وكذلك يطلق على كل ميم مشددة نحو " دمر، يعمر، حمالة، وهم، أم من أسس "(٢) . وسمي إدغاما لإدغام الميم الساكنة في المتحركة، وبالمتماثلين لكونه مؤلفا من حرفين متحدين في المخرج والصفة والاسم والرسم، وأدغم الأول في الثاني منهما، وصغيرا لأن الأول منهما ساكن والثاني متحرك، وهذا هو سبب الإدغام أو لقلة عمل المدغم، وقيل غير ذلك.
فإن التقت الميم الساكنة بالباء ولا يكون ذلك إلا من كلمتين فعلماء القراءات مختلفون في وصف أدائها معها، فقال بعضهم: هي مخفاة لانطباق الشفتين عليهما كانطباقهما على إحداهما، ولا تدغم فيها ولكنها تخفى لأن لها صوتا في الخياشيم تواخي به النون الخفيفة، فقد نقل الداني يرحمه الله: أن من أهل اللغة من يسمي الميم الساكنة عند الباء إخفاء (وهذا هو الإدغام الصغير) ، قال سيبويه: المخفي بوزن المظهر، وقال آخرون: هي مبينة للغنة التي فيها ... وقال آخرون: أخذنا من أهل الأداء بيان الميم الساكنة عند الواو والباء والفاء في حسن من غير إفحاش. وروي عن أبي عمرو إدغام الميم في الباء إذا تحرك ما قبل الميم مثل قوله تعالى " وقولهم على مريم بهتانا عظيما "