للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل عن سيبويه جواز الأمرين فيهما، حيث قال: تدغم النون مع الواو بغنة وبغير غنة لأنها من مخرج ما أدغمت فيه النون، وإنما منعها أن تقلب مع الواو ميما أن النون حرف لين يتجافى عنه الشفتان، والميم كالباء في الشدة وإلزام الشفتين، فكرهوا أن يكون مكانها أشبه الحروف من مواضع الواو والنون وليس مثلها في اللين والتجافي والمد فاحتملت الإدغام كما احتملته اللام وكرهوا البدل، وتدغم النون مع الياء بغنة وبغير غنة؛ لأن الياء أخت الواو، وقد تدغم فيها الواو فكأنهما من مخرج واحد، ولأنه ليس مخرج من طرف اللسان أقرب إلى مخرج الراء من الياء (١) . ولعل الغنة مع الياء والواو أولى لأن مقاربة النون الساكنة إياهما في الصفة لا بالمخرج، فالأولى أن لا يغتفر ذهاب فضيلة النون رأسا لمثل هذا القرب غير الكامل، بل ينبغي أن يكون للنون معهما حالة بين الإخفاء والإدغام، وهي الحالة التي فوق الإخفاء ودون الإدغام التام فيبقى شيء من الغنة (٢) ، وإذا بقيت غنتهما معهما لم ينقلبا قلبا صحيحا، ولا يدغمان إدغاما تاما، وإنما يتمكن ذلك فيهما إذا ذهبت تلك الغنة بالقلب الصحيح، والغنة إذا ثبتت في الأصل لم يشدد الحرف ولفظ به بتشديد يسير، وإذا حذفت الغنة شدد الحرف (٣) . وإدغام النون الساكنة والتنوين في النون لا إشكال فيه ولا اختلاف وإنما الجميع على إدغامهما بغنة نحو قوله " من نور " و " ملكا نقتل "، والغنة التي كانت في النون باقية مع لفظ الحرف الأول؛ لأنها (الغنة) ملازمة للنون أدغمت أم لم تدغم، وعلة إدغامها في النون هو اجتماع مثلين الأول ساكن، ولا يجوز الإظهار ألبتة،كما لا يجوز في قوله " فلا يسرف في القتل " و " واجعل لنا " وشبهه إلا الإدغام (٤) . وأما الميم فيدغمان فيها إدغاما تاما، ويقلبان من جنسها قلبا صحيحا مع الغنة الظاهرة أيضا؛وذلك أن الميم وإن كان مخرجها من الشفة فإنها تشارك النون في الخياشيم لما

<<  <  ج: ص:  >  >>