للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١. إجماع القدماء من اللغويين والنحاة والقراء في تعريفهم للغنة السابق على أنها صوت يخرج من الخيشوم لا عمل للسان فيه ويؤخذ من هذا القول أمران:

الأول: أن الذي يخرج من الخيشوم هو صويت الغنة فقط لا حروفها.

الثاني: أن الغنة ليست حرفا كما في إطلاق بعضهم أو تخصيصه لأن الحرف يعمل فيه اللسان أساسا لإخراجه وصويت الغنة ليس كذلك بل هو صفة تابعة لموصوفها اللساني أو الشفوي أي النون والميم: الأمر الذي أوجب إلحاقها بالصفات اللازمة المشهورة التي لا ينفك عنها هذان الصوتان البتة، وتعد الغنة صفة جوهرية مشخصة لهذين الصوتين (الميم والنون وما في حكمهما) فقط،وتكتسب هذه الصفة عن طريق مرور الهواء من الأنف، وقد عدها من الصفات جمع من العلماء كالإمام ابن بري في الدرر اللوامع (١) .

٢. إجماع القدماء من علماء اللغة العربية والنحو والقراءات أيضا على أن حروف الهجاء تسعة وعشرون حرفا على القول الراجح وليست الغنة واحدا منها. ولعل من ذكرها في المخارج نظر إلى أن لها مخرجا وهو الخيشوم خاصة وهو خرق الأنف المنجذب إلى داخل الفم، وقيل هو أقصى الأنف ودليل ذلك ما ذكره سيبويه يرحمه الله أنك لو أمسكت بأنفك ثم نطقت بالنون ساكنة لوجدتها مختلة، وأما النون المتحركة فمن حروف الفم إلا أن فيها بعض الغنة من الأنف (٢) ، وعدها منها تغليبا للحروف عليها، وأنه محمول على أن مخرج الغنة محقق من أقصى الأنف ثم يجري فيه (٣) .

٣. محل صويت الغنة: أما محلها فيمكن النظر إليه في ضوء ما قاله القدماء من القراء وأهل الأداء مقارنا بتصورنا نحن المحدثين من الأصواتين حيث وظفت الحقائق الفيسيولوجية والصوتية عند التأمل في نطق هذه الظاهرة اللغوية:

<<  <  ج: ص:  >  >>