٨ أن الله لعن من عبد غيره وكذلك كل من ادعى الألوهية من البشر، فقد لعن فرعون وجعله إماماً في الضلال متبوعاً بلعنة الله هو ومن اتبعه قال ( {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين} القصص (٤٢) وذلك لقوله
{أنا ربكم الأعلى} الذاريات (٢٤) ، فمن زعم أن المخلوق هو الخالق فقد زعم أن فرعون كان صادقاً وأن اللعنة والتقبيح له ولأتباعه بغير وجه حق أو هو ظلم غاية الظلم.
وقد التزم ابن عربي الضال المضل في مقابل ذلك إيمان فرعون ونجاته، بل زعم أنه صادق في قوله {أنا ربكم الأعلى}(١) .
ولا شك أن هذا تكذيب صريح لكلام الله (واستدلال على الفاسد وهو قوله بوحدة الوجود بما هو مثله في الفساد وهو تكذيب
الله (وتحريف كلامه بادعاء أن فرعون مؤمن وأنه صادق في دعواه للربوبية.
٩ إن دعوى وحدة الوجود يلزم منها أن كل إنسان هو الله أو جزء من الإله، وهذا أمر لا وجود له في قرارة الإنسان، بل كل إنسان يشعر بنقصه وعجزه وحاجته وفقره، وأنه مخلوق مربوب، هذا واقع كل إنسان وهو مما يشعر به أيضاً، لهذا يسعى الإنسان إلى تكميل نفسه وتسديد حاجة نفسه من غيره، وإذا انقطعت الأسباب بالنسبة للإنسان على العموم لجأ إلى خالقه وموجده وهو يقر بوجوده وربوبيته، هذا مما لا يستطيع بشر أن ينفك عنه إلا مكابرة، وفرعون وهو من أكبر المتكبرين عن عبادة الله لما دهمه الماء وأشرف على الغرق وأدرك أن نجاته وحاجته عند واحد فقط وهو رب العالمين اضطر إلى ندائه والاستغاثة به لعله ينجو.
١٠ يقال للصوفية من أصحاب وحدة الوجود في جميع دعاويهم التي ادعوها في الله (:من أين علمتم وأخذتم معلوماتكم هذه التي تتناقض مع الشرع تناقضاً بيناً؟ فإن ما في الشرع جاء عن طريق الوحي وما ادعيتموه لابد أن تثبتوا مصدره فإن العقل لا يستطيع أن يتوصل إلى ما ذكرتموه.