للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان داود عليه السلام أُلين له الحديد، وطوّعه في الصناعة الحربية فإن ابنه نبي الله سليمان عليه السلام قد أسال الله له عين النحاس، واتجة إلى الصناعة المدنية، ((وسُخر له أهل الصنائع والإبداع)) (١) ، قال تعالى: {وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ * يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} (٢) ، {أَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ} ، ((يقول: وأذبنا له عين النحاس، وأجريناها له)) (٣) ، وقيل: القطر: الفلزّ كله: النحاس والحديد وغيرهما، وعلى الأول جمهور المفسرين واللغويين، وقيل أذبنا له معدن النحاس على نحو ما كان الحديد يلين لداود، فلذلك سماه عين القطر باسم ما آله إليه، فالعين على هذا القول ليست حقيقة ولكنها مستعارة، والذي تشهد به الآثار أنه على الحقيقة كعيون الماء معجزة لنبيه عليه السلام (٤) .


(١) محمد الطاهر: التحرير والتنوير ١٧/١١٤.
(٢) سبأ، الآيتان ١٢،١٣.
(٣) الطبري: جامع البيان ٢٢/٦٩
(٤) انظر المصدر السابق، الزمخشري: الكشاف ٢٢/٢٨٢، ابن عطية: المحرر ١٢/١٤٩، السيوطي: الدر المنثور ٦/٦٧٧، الآلوسي: روح المعاني ٢٢/١١٧، محمد الطاهر: التحرير ٢٢/١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>