للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورث سليمان داود عليهما السلام في فصاحته، ومن أبلغ كلامه تلكم الوثيقة التي أرسلها إلى ملكة سبأ، وهي قوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} (١) قال ابن كثير (ت٧٧٤ هـ) : ((وهذا الكتاب في غاية البلاغة والوجازة والفصاحة، فإنه حصّل المعنى بأيسر عبارة وأحسنها)) (٢) ، وبنحو ذلك وصفه غير واحد من المفسرين (٣) ، ولهذا وصفته الملكة بأنه كتاب كريم لحسن مضمونه وبلاغته وإصابته المعنى (٤) إذ يقول الله تعالى عنها: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} (٥) واستظهر غير واحد من المفسرين أن الكتاب هو ما نص الله عليه باللغة العربية وبهذا الترتيب (٦) ، وحينئذ يكون اسمه عليه السلام عنواناً للكتاب بأعلاه أو جانبه أو بظاهره على حسب طريقة الرسائل الملكية في ذلك العهد (٧) .

وقيل إنه كُتب على لغة سليمان، فيكون هذا النص الكريم ترجمة إلى اللغة العربية الفصحى بتضمين دقيق لما اشتملت عليه اللغة التي أنشئ بها من بلاغة (٨) . والله أعلم.

صنائع الحديد والنحاس وغيرهما:


(١) النمل، الآيتان ٣٠،٣١.
(٢) تفسير القرآن العظيم ٦/١٩٩.
(٣) انظر الزمخشري: الكشاف ٣/١٤٦، ابن عطية: المحرر الوجيز ١١/٢٠١ وغيرهما.
(٤) انظر الزمخشري: الكشاف ٣/١٤٦، ابن العربي: أحكام القرآن ٣/١٤٥٩.
(٥) النمل، الآية ٢٩.
(٦) انظر ابن عطية: المحرر الوجيز ١١/٢٠١، أبا حيان: البحر ٧/٧٢، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم ٦/١٩٩.
(٧) انظر المصادر السابقة، الآلوسي: روح المعاني ١٩/١٩٥، محمد الطاهر: التحرير والتنوير ١٩/٢٥٩.
(٨) انظر أباحيان: البحر ٧/٧٣، الآلوسي: روح المعاني ١٩/١٩٤، محمد الطاهر: التحرير والتنوير ١٩/٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>