للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه الاعتراضات لمنكر القياس قد أجاب عنها ابن الأبناري بما يثبت تأييده للقياس والرد على من أنكره وهى تعبير عن رفض فئة من النحاة للقياس بمفهومه الشكلي، ولقد بلغ هذا المفهوم الشكلي للقياس قمة نضجه واكتماله على يد ابن الأنباري، ثم السيوطي من بعده، فقد تحددت عندهما حدوده، وأنواعه، وأقسامه، واعتمدا في كثير مما جاءا به على ما كتبه ابن جني في الخصائص. فقال: " أعلم أن القياس في وضع اللسان بمعنى التقدير، وهو مصدر قايست الشيء بالشيء مقايسة وقياساً، أي قدرته، ومنه المقياس أي المقدار وهو في عرف العلماء عبارة عن تقدير الفرع بحكم الأصل، وقيل هو حمل فرع على أصل بعلة تقتضي إجراء حكم الأصل على الفرع، وقيل: هو ربط الأصل بالفرع بجامع، وقيل: هو اعتبار الشيء بالشيء بجامع، وهذه الحدود كلها متقاربة" (١) " وهذه المحاولة - بما تسعى إليه من إخفاء صفة الأصالة وبما فعلته من الربط بين المدلولين: اللغوي والاصطلاحي - قد وقعت في خطأين بارزين:

أولهما: أن تلمُّس الصلة بين هذين المعنيين قد أبعد النحاة عن مقتضيات الدقة العلمية، إذ لو كان لفظ القياس قد أخذ هذا المدلول الجديد عليه في البحث النحوي، لعرف به من قديم، ولترك آثاره في التفكير النحوي وفي البحث النحوي معا، وذلك غير صحيح.

والثاني: أن اعتبارهم المعنى اللغوي أساس المعنى الاصطلاحي جعلهم ينصرفون عن تحليل المؤثرات الحقيقية في المعنى الجديد للقياس وتقويم آثارها فيما أصابه من تطور ومن ثم ظلت أسباب هذا التطور ومصادره بعض النقاط الغامضة في البحث النحوي (٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>